يتفق الجميع، على أهمية تطوير الأداء المهني للعاملين في القطاع الصحي (بمختلف فئاتهم)، من خلال التدريب المميّز (المستمر)، واكتساب المزيد من العلوم الطبية من خلال الحصول على شهادات علمية (الزمالة والدكتوراة) من جهات مختصة (الجامعات فقط)، من المعروف أن مسمّى (إستشاري أو نائب) يعتمد على حصول الممارس الصحي على درجات علمية متخصصة من جامعات عالمية معترفة بها، ولا يتم التعيين عليها بالإعتماد على خبرة عملية يمتلكها الممارس او توصية من خلال شخصيات اعتبارية (واسطة).
نعم، هناك اهتمام كبير بهذا الشأن من قبل وزارة الصحة على تطّوير وتحّسين اداء منسوبيها بمختلف مستوياتهم المهنية (أطباء، أخصائيين وتمريض)، من خلال دعم البرامج المختلفة (الإبتعاث أو الايفاد). كان من ثمار هذه الإستراتيجية انه أصبح لدى وزارة الصحة كوادر بشرية يمكن تصّنيفها أنها من الكفاءات عالية المستوى، استطاعوا أن يساهموا وبقوة في تطوير الرعاية الصحية.
في السابق، كانت أعداد الأطباء السعوديين وغيرهم من الممارسين في مختلف الحقول الصحية الأخرى (المختبرات الطبية، الأشعة التشخيصية والتمريض)، قليلة مقارنة مع أعداد العاملين غير السعوديين. أمّا الآن، أصبحنا نمتلك طواقم طبية محلية متكاملة، لدرجة أن الثقة بالطبيب السعودي أصبحت كبيرة وأعداد العاملين السعوديين في الحقول الصحية الأخرى وصلت إلى نسبة قد تقارب %100.
نعم، كل تلك التطورات في العمل الصحي، كانت ثمار لعمل كبير قامت به وزارة الصحة من خلال إستراتيجية التدريب والإبتعاث وبرامجها المختلفة.
الكل يدرك كيف يفكر المستثمر في القطاع الصحي، لاشك أنه سيكون حاله مثل أي مستثمر في أي قطاع ربحي آخر، سيكون تركيزه على الربح المادي. سيكون توجهه في توظيف الأيدي رخيصة الأجرة، تجده يقول: يمكن للطبيب غير السعودي أن يقوم بعمل الطبيب السعودي وفي نهاية الشهر يأخذ أجراً أقلّ!
إذاً، على هذا النهج الإستثماري في التطبيق، سوف نعود مرةً أخرى إلى عهود كان فيها الإستشاري أوالفني غير السعودي هو الغالب حضوره في العمل الصحي (هذا هو واقع كثير من المنشآت الصحية الخاصة)، سوف تجد الموظف السعودي في مكاتب الإستقبال والملفات أو الأمن فقط!
باختصار، ما وصلنا إليه في القطاع الصحي الحكومي يعتبر إنجازاً رائعاً، إلى جانب أننا أصبحنا نمتلك كل مقوِّمات النجاح في القطاع الصحي التي كانت نتيجة لعمل إمتدّ لسنوات، صرفت فيها مليارات الريالات. نحن الآن أمام رؤية إستراتيجية جديدة للقطاع الصحي، يمكن لنا من خلالها أن نحقّق المزيد من النجاحات في إنشاء شركة قابضة تمتلكها وزارة الصحة تعتبر أولى الخطوات التصحيحية لإنجاح الرؤية التي من أركان نجاحها تطوير أداء منسوبي القطاع الصحي السعودي.
نعم، جوهر الأداء الصحي الناجح ليس في تطبيقات الذكاء الإصطناعي، أليس كذلك؟