يغصّ الفضاء العربي بمئات القنوات الإخبارية الفضائية إلا أن جهود بعضها ورسالتها الإعلامية مبعثرة ولها ضجيج بعيد عن المهنية والإحترافية. وتفتقر إلى الإستراتيجية الإعلامية واضحة المعالم والتوجهات ، وذلك فيما يختص بما يجري الآن في قطاع غزة من حرب ضارية تقتل البشر والحجر. وليس ذلك فحسب بل تفتقر بعض تلك القنوات إلى القدرة على إستقطاب المختصين والمحللين السياسيين وخبراء الحروب لمخاطبة شعوب العالم.
وفي سياق هذا النقد أرى ضرورة تأكيد الإعلام العربي على أهمية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وفتح المعابر لوصول المساعدات وتسليط الضوء على جهود إعادة مسار المفاوضات لإيجاد حل للقضية الفلسطينية في إطار العدالة والشرعية الدولية.
إن إستراتيجيات الإعلام في التعامل وتشكيل وإدارة الرأي العام محليا وعالميا خلال الحروب تمثل جزءاً محورياً وحاسماً في الجهود العسكرية بشكل مؤيد لأهداف الدولة وسياساتها.
ويمكن هنا تسليط الضوء بإختصار شديد على الإعلام الحربي وإستراتيجياته حيث يعتبر توفر المعلومات الدقيقة والموثوقة حول تطور ساحة المعارك أمر شديد الأهمية حتى يتسنى إجراء التعديلات وصياغة الرسائل الموجهة بما يخدم الإستراتيجية الإعلامية وأهدافها. وهذا بالضرورة يتطلب صياغة رسالة إعلامية قوية تبرز الأهداف الرئيسية للحرب ويتم ذلك من خلال توظيف مختلف القنوات الإعلامية التقليدية والحديثة منها بالإضافة الى وسائط التواصل الإجتماعي في نشر تلك الإستراتيجية وأن تكون الإستراتيجية على درجة كبيرة من المرونة وقابلة للتكيُّف مع تغير الأحداث في الميدان .
كذلك ضرورة أن تأخذ الإستراتيجة في الحسبان تحديد وفهم نوعية الفئة المستهدفة من المشاهدين المتلقين للرسالة الإعلامية ودراسة ديمغرافيتهم ولغاتهم وثقافاتهم والطريقة التى يمكن للميديا أن تكون مؤثراً فاعلاً في تحول قناعاتهم وإدراكهم للرسالة الإعلامية المراد توصيلها.
وأيضا من الضروري الإهتمام بتحليل المعلومات والأرقام والبيانات والتفاعل الذكي مع مختلف وسائط الميديا الرقمية والمرئية والورقية وإدارة أخبار ومخاطر الأحداث عن طريق تكوين جبهة إعلامية موثوقة ولها حضور عالمي كي تنشر الرسالة الإعلامية للعالم بلغاتهم بغرض صياغة وتكوين رأي عام عالمي يخدم مصالح وأهداف الدولة.