تحدثنا في المقال السابق عن الانحياز الظالم للإعلام الصهيوني في الماكينة الإعلامية الغربية في الحرب الاستعمارية العنصرية التي يشنّها الكيان الصهيوني على غزة ، ورأينا كمية الكذب والزيف والتلّفيق في الأخبار التي يبثّها الإعلام الغربي.
استغل الإعلام الصهيوني شبكات التواصل ،وسرعة انتقال الخبر، في تزّييف الحقيقة التي لا يفيد فيها التراجع المتأخر، حيث رأينا السرعة الكبيرة التي جاءت بها حاملات الطائرات الأمريكية إلى شواطئ فلسطين، ورأينا الدعم العسكري والمعنوي والسياسي من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والقائمة تطول.
يردّد الغرب في إعلامه المُنحاز بأن إسرائيل لها حق الدفاع عن النفس وهذا الحق يخوّلهم بتدّمير غزة وقتل النساء والأطفال والشيوخ لكن حق الدفاع عن النفس هذا غير متاح للفلسطينيين.
ويورد هذا الإعلام في أمريكا وبريطانيا ، الخبر الذي يطلب فيه الصهاينة من شمال غزة ، مغادرتها إلى الجنوب ،لأنهم يريدون فرز المدنيين عن المقاتلين ، لكي يصفّوا هؤلاء ،ويضمنوا الأمن لسكّان الدولة الصهيونية ،الذين أزعجهم صوت صافرات الإنذار التي تصيح في سماء تل أبيب.
من المفارقات الساخرة ،أن يصرّح المستشار الألماني، بعد أن قدّم المساعدة العسكرية اللازمة للصهاينة، بالقول :(إن ألمانيا تحمل “مسؤولية تاريخية” نحو إسرائيل وأن المكان الوحيد الذي ستتخذه ألمانيا ،هو الوقوف جنباً إلى جنب مع إسرائيل).
توظيف الهولوكوست ،ولعب دور الضحية بهذا الأسلوب الفجّ لتبرير شرعية الاحتلال ،وشنّ هذه الحملة ضدّ غزة ،هو في الواقع تدّمير ذاتي لإسرائيل نفسها ،لأنها تؤجِّج الكراهية بين جيرانها.
ولا شك أن هذا الإحساس بعدم الأمن، والتوجّس من الجيران المحيطين بها ، واضحان أشدّ الوضوح بدءاً من ممارسات “نتنياهو” ،ووزير دفاعه الذي لا يستطيع إخفاء قلقه وخوفه من المصير الذي ينتظره ،عندما صرّح بشكل غير مسبوق أنه مُحاط بمجموعة من “الحيوانات البشرية”!
لا شك أن إسرائيل دولة مكانها وراء البحر وليس دونه، ويمكن إثبات ذلك من تصريح وزير الخارجية الأمريكي بلنكن عندما قال إنه جاء إلى هنا بصفته اليهودية لأن جدّه هرب من القتل وهو يقصد “الهولوكوست”.
رحم الله الملك عبد العزيز عندما طالب في 1945 باقتصاص أرض من ألمانيا ،تكون وطناً لليهود ،لأن الألمان هم من اضطهد اليهود، فلماذا يدفع الفلسطينيون الثمن الذي كان يجب أن يدفعه الألمان؟
لا شيْ يفسّر هذا الاتجاه المحموم نحو الكذب وتلفيق القصص، والتباكي على “الهولوكوست”، إلّا محاولة تسّويغ وتبّرير فكرة تدّمير واحتلال غزّة، لعلّ هذا يؤجّل “اليوم الأسود” الذي يخافون منه، وهو نهاية إسرائيل.
عندها سيعود الصهاينة إلى المنازل التي ادّخروها في أوروبا وأمريكا تحسّباً لهذا “اليوم الأسود”.
khaledalawadh@