في كل يوم يمر، أزداد قناعة بأن هناك علاقة وطيدة بين الكثير من منظمات الخدمة وملاهي والت ديزني التي تعتبر الوجهة الأولي للسياحية العالمية والتي تقدم الترفيه والتسلية والإعاشة والإستمتاع بأساليب أسطورية حيث يرتادها سنويا مئات الألوف من جميع أنحاء العالم.
لقد توصلت لهذه القناعة منذ سنوات طويلة أثناء إدارتي لدفة التدريب وتطوير الخدمات في الخطوط السعودية ولاسيما عندما أصطحبت مجموعة من زملائي المدربين وزرنا أكاديمية تدريب ديزني في ميامي فلوريدا لنقف على تجربتها ونشاهد ونتعلم كيف تدرّب هذه المنظمة العملاقة موظفيها والعاملين بها على خدمة وإرضاء وإسعاد رواد الملاهي والمنتجعات والمنتزهات التي تديرها .. وكيف يمكننا أن نستنسخ نموذجاً ومفهوماً خدمياً منها ، يمكن تطبيقه على الخدمات المقدمة لركاب الخطوط السعودية.
وانهالت عليّ الإنتقادات من رؤسائي وزملائي تستنكر وتشكّك في أن هناك علاقة بين إدارة الملاهي والترفيه وبين خدمات الركاب في المطارات وعلى الطائرات وبعد إصرار مني ،أستطيع أن أزعم أننا أدخلنا الكثير من تلك المفاهيم في برامجنا التدريبية مستقاة من مفاهيم ديزني.
أما اليوم سأتناول فكرة هذا الإستنساخ لتقديم نموذج خدمي للرعاية الصحية في إدارة المستشفيات بإختصار شديد.
يقول باتريك جوردان مستشار برامج تدريب الرعاية الصحية في ديزني :(المريض في الغالب لا يعلم أن المستشفي يستعمل أفضل الأجهزة والأدوات الطبية أو أن جميع الفحوصات المطلوبة قد تم إجراؤها وهكذا ولكن الذي يعلمه ويدركه المريض ،هو تجربته ومشاعره وراحته النفسية والجسدية في مواقف السيارات بدايةً ، ومدي بساطة الإجراءات الإدارية ومدة الإنتظار لإجراء الفحوصات الطبية والحصول على نتائجها، وهل أماكن الإنتظار مريحة، وهل سجلات المرضى تُعامل بسرية تامة ، وكذا أسلوب تعامل مختلف الكوادر الطبية مع المرضى إبتداءً من الأطباء وإنتهاءً بعمال النظافة ،ويجب أن لا ننسي تجهيز الحمامات وغرف المرضى بأفضل الأجهزة والأدوات الطبية،وأن إضاءات وروائح وأثاثات الغرف مريحة الخ .. ،)
ويضيف جوردون :(مفهوم القيادة في ديزني وطرق تعامل المستشفي مع العاملين فيها ،تنعكس سلبا أو إيجاباً على أساليب تعاملهم مع المرضى فالنتيجة من جنس التعامل مع الموظفين.)
وأخيرا أري أن توقعات وإحتياجات المرضي يعتمد على البيئة التي ينتمي إليها المريض، ولكن هناك مفاهيم وقيّم عالمية عامة تحكم رقي خدمات الرعاية الصحية في المستشفيات ،وتأتي أساليب التواصل الإنساني والرحمة في التعامل مع المرضي ، في الدرجة الأولي وهي أهم لحظات الصدق والحقيقة في التجربة التي تتكرر في كل خطوة يخطوها المريض وذووه أثناء تواجدهم داخل المستشفي.