اجتماعية مقالات الكتاب

الإعلام والتصدي لما يهدم القيم

لا يختلف إثنان على دور الإعلام الأخلاقي في غرس القيم والمبادئ الدينية وتعّزيزها في المجتمعات أو العكس. وممّا يبعث على الإعتزاز هو حرص المملكة على الحفاظ على هذا الدور الهام للإعلام الذي أصبح منافساً قوياً وخطيراً في نفس الوقت للبيت والمدرسة، والذي أصبحت وسائله سهلة ومتعددة ومؤثرة وسلاحاً ذا حدّين حدّه السلبي تعدّى حدود المعقول والمنطق وأصبح الأهالي وأهل التربية يضربون أخماساً في أسداس ويبحثون عن خطط وطرق للتصدّي للموجة الساحقة التي تفتّ في عضد التربية السليمة وتخالف القيّم والأخلاقيات الصحيحة ، ومن منطلق الحرص على هذه الأسس ، أكد وزير الإعلام الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري خلال كلمته في أعمال الدورة العادية الـ53 لمجلس وزراء الإعلام العرب التي انعقدت بالرباط نهاية العام المنصرم ،أكد معاليه الحاجةَ لآلية عمل مشتركة بين الدول العربية للتصدّي للمحتوى المخالف لمبادئنا الدينية والثقافية والأخلاقية، بشكل يمكّنها من اتخاذ موقف عربي مشترك ضدّ ما يعاكس هذا عبر المنصّات الإعلامية المختلفة التي تنشر محتوىً مخالفًا لمبادئنا وقيمنا.

والحقيقة أن الموقف المشترك من الدول العربية والمسلمة بل وحتى المجتمعات والأفراد، ضرورة تفرضها حاجة الأجيال للقدوات وللنماذج الصالحة التي تمدهم بقيّم أخلاقية هم بحاجة لتعّزيزها وصقلها بما يخدم نموهم السليم ووعيهم.

دورة الرباط لمجلس وزراء الإعلام العرب والتي كان للمملكة دور بارز فيها ، إنما هي مختلفة بأهدافها الأبرز والتي ركزت على محاربة كل غثّ وهادم يبثّه الإعلام بجميع أشكاله وصوره ووسائله خاصة في ظل الانفتاح الإعلامي الواسع وغير المقيّد من قنوات يوتيوب وبثوث مختلفة لمشاهير البعض منهم لا أخلاق تحكمه ولا حياء يردعه ما يهمّه فقط أعداد المتابعين وكسب المال بصرف النظر عن المحتوى أكان مفيداً أو غير ذلك ،لائقاً أو يفتقر لأبسط مقومات الذوق والأخلاق!! وبعضهم آباء وأمهات -أصلحهم الله- وجدوا في أطفالهم مواد دسمة للكسب مغتالين طفولتهم دون مبالاة.

وسائل التواصل الاجتماعي هي ضرب من ضروب الإعلام ، أصبح البعض يستهلكها كما يستهلك الأكل والشرب بل وربما التنفس ، فلا يفتح عينيه إلا ويعطي العالم خبراً أنه استيقظ ، وكأن الدنيا توقفت تنتظر استيقاظه ثم يوافي العالم بفعاليات يومه كاملة: ماذا أكل وشرب ولبس وأين ذهب!!

كثير من الناس أقحموا وسائل التواصل في أدقّ خصوصياتهم والتي لاتهمّ أحداً سواهم. لاشك نحن نستمتع بما يضيف للمجتمع ما يخدمه ويثري معلوماته، لكن ما عدا ذلك فهو غثّ لامعنى له.

عندما أرى الإنتشار الواسع لوسائل التواصل وللبثّ غير المراقب والمؤذي غالباً أخلاقياً ونفسياً ،أتمنى أن يدخل كل ذلك ضمن سيطرة وزارة الإعلام للتحكّم في تصرفات البعض اللامسؤولة التي أساءت للمجتمع السعودي ، وأساءت لقيّمنا وأجيالنا مع احترامنا لمن يدقّق فيما يبثّه ويحسب كثيراً للأثر الذي يتركه، فهناك من يستحقون التقدير لما يتمتعون به من وعي وتفكير وبثّ راقٍ ، لكن هناك من يجب الحجر عليهم وكفّهم والتصدّي لما يقدمون من غثاثة أدبية وفكرية ذات آثار سيئة جداً.
ودمتم.

@almethag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *