معظمنا لا يتحمل أوقات الإنتظار وخصوصا في زمن أصبحت فيه السرعة سمة من سماته، بل أن بعضنا يجد أن مدة الإنتظار لفترة 60 ثانية ،مدة طويلة لتسخين وجبة غذاء بجهاز الميكرويف. إننا نستعجل النتائج ونتسابق مع الزمن لرؤية منتجنا النهائي بصورته الكاملة في أسرع وقت. كثير من الناس يعتقد إن إنشاء المباني وأعمالها المدنية ، مشابهة لأعمال إنشاء الحدائق وأعمالها البستانية. على غرار أعمال البناء والتشييد للمباني والتي تأخذ شكلها وصورتها وجمالها النهائي. مع إكتمال أعمال إنشائها، نجد أن أعمال إنشاء وتشييد الحدائق وخصوصاً زراعة الأشجار والشجيرات، يتم التعامل معها بصورة مختلفة بعض الشئ.
فبمجرد الإنتهاء من إنشاء الحدائق وزراعتها ، لن تظهر بصورتها النهائية، بل سوف تستغرق أشهراً وأحياناً سنوات لتبدي جمالها وروعتها ودوماً يزداد جمالها مع تقدم عمرها وكبر سنها. الحديقة المزروعة حديثاً ، أشبه بالطفل حديث الولادة لا يري جماله سوي والداه، وكذلك الحديقة المزروعة حديثاً ،لا يري جمالها سوي البستاني الذي قام بتخطيطها وانتقاء نباتاتها وتجهيز أرضها وزراعتها والذي يدرك ما سوف تكون عليه مستقبلاً. نباتات وأشجار الحديقة هي كائنات حية ذات معدل ثابت في زيادة الحجم والوزن وتغير الشكل عبر الزمن، ولا يتم هذا إلا في حالة توفر جميع الأساسيات الهامة للنمو من ظروف بيئية ومناخية وتوفر القدر الكافي من الماء والغذاء، وفي حال عدم توفر هذه المتطلبات سوف يتفاعل النبات بسلبية وقد يتوقف عن نموه الطبيعي أو شكله وهيئته المأمولة وإبراز طاقاته وإمكانياته.
قد يستعجل البعض عند زراعة الحدائق لرؤية الحديقة بصورتها النهائية فيتم ملء فراغات الحديقة بالنباتات والأشجار ذات الأحجام الكبيرة والتي قد تكون مكلفة مادياً وتحتاج أيضاً للوقت والمجهود لكي يتأقلم النبات مع بيئتة الجديدة وظروف معيشته المعدّلة مما كانت عليه في المشتل أو الموقع السابق وهذه خصوصية لهذا الكائن الحي لا يمكن تجاوزها بسهولة. بل أن النباتات والأشجار لها قابلية متغايره في الأقلمة والتحمل للنقل من مكان الى آخر. وكذلك هو الحال عند زراعة النباتات والأشجار من بيئات الي بيئات أخري مختلفة، فنجاحها يتحقق من خلال مراعاة الخصوصية للأنواع النباتية ومتطلباتها المعيشية وإستمرارية توفير العناية البستانية المأمولة.
يجب أن ندرك إن هذا الكائن الحي له خصوصياته التي يجب أن نحترمها ونضعها في الإعتبار عند زراعة وإنشاء الحدائق. وهذا ينطبق أيضا في أعمال التشجير والتجميل بالنباتات في المناطق المفتوحة.
إن زراعة النباتات ورعايتها هي هواية ومتعة بقدر أكبر من كونها ملء للفراغ بالموقع ، ويتدرج نمو النباتات والأشجار لتصل الى صورتها النهائية كمتعة في حدّ ذاتها للإستمتاع بكل مرحلة عمرية منها.