الطريق مُلك للجميع ،والإلتزام بقواعد السير ،من شأنه المحافظة على السلامة العامة ،والحدّ من وقوع الحوادث ، ولكن رغم العقوبات على المخالفين ،إلّا أن المخالفات المرورية لازالت ترتكب ،بل هي في تراكم مستمر!
التقيت كثيراً بأشخاص تراكمت عليهم المخالفات المرورية لدرجة تدعو إلى الاستغراب، فهناك من تجاوزت مخالفاتهم 100,000 ريال وحتى 200,000 ريال، وأذكر أنني كنت ذات مرة ،في صالة للإنتظار بإحدى المنشآت الخاصة ،عندما دار نقاش بين ثلاثة أشخاص حول تراكم المخالفات المرورية، وما يترتب عليها من غرامات مالية ونظامية.
قال أحدهم في لهجة لا تخلو من الفخر ،إن إجمالي المخالفات المرورية المتراكمة عليه بلغت أكثر من 30,000 ريال ،وعليه هو لا يستطيع تجّديد بعض الوثائق الحكومية كجواز السفر ورخصة القيادة.
وقال صديقه بصوت تغلب عليه الحسرة ، إن مخالفاته تجاوزت 20,000 ريال ،شملت السرعة الزائدة وتجاوز الخط الأصفر واستخدام الجوال أثناء القيادة.
لا أخفي عدم تعاطفي مع هذه الفئة من المخالفين ، والتي لا أجدها تختلف كثيراً عن الإرهابيين.
الإختلاف الوحيد بينهما هو : أن هذه الفئة تمارس الإرهاب على الطرق ،والسواد الأعظم منا إمّا تعرض لهذا النوع من الإرهاب ،أو لديه قريب لقى حتفه بسبب حادث مروِّع،أو صديق يعاني من إعاقة دائمة أوعاهة مستديمة !
مثل هذه الفئة لا تتعلم أبداً ، ويبدو أنها لم تجد من يردعها عن ارتكاب مثل هذه المخالفات.
وإني لأستغرب ممّن يتعاطف مع مرتكبي هذه المخالفات على أنهم “مساكين” لا يستطيعون سداد مخالفاتهم ،أو أن أمورهم ستظل معلّقة ،علماً بألّا أحد أجبرهم على ارتكاب تلك المخالفات، إذ هم ارتكبوها بمحض إرادتهم ،وعليه لا يجب أن يتباكى هؤلاء على قيمة المخالفات المتراكمة أو استجداء عطف الآخرين.
للأسف هم من اختاروا هذا بإرادتهم، ولذا لا يستحقون منا أي تعاطف.
لا أدعي المثالية أبداً ، فأنا أحد الذين اكتوا بنار تلك المخالفات: مرة بتجاوز السرعة ، وأخرى بسبب الإمساك بالجوال أثناء القيادة رغم عدم استخدامي له، إلا أن الإمساك بالجوال في حدّ ذاته يعتبر مخالفة ،وبعد تسديدي تلك المخالفات ، أقسمت بألا أكررها أبداً.
قبل فترة، شدّد المرور على خطورة استخدام الجوال أثناء القيادة، وحدّد غرامة تصل إلى 900 ريال، فجاءت ردود الفعل مستنكرة لارتفاع مبلغ المخالفة ،وأنا أستغرب لماذا هذا الإستنكار؟ أليس استخدام الجوال أثناء القيادة مخالفة؟ لماذا يرتكبها البعض؟ هل يريدون البحث عن تخفيض مناسب لميزانياتهم حتى يرتكبوها؟
كلنا على علم واطلاع بمخاطر استخدام الجوال أثناء القيادة وأرقام الاحصاءات لا تكذب لمن يريد الرجوع إليها ، وأتمنى أن تتضاعف هذا المخالفات حتى تصل
إلى درجة مقبولة من الردع ، وأن تُسحب رخص
القيادة لمن تجاوزت مخالفاتهم مدة العام..أتمنى أن تتضاعف مخالفات السرعة وقطع الإشارة والتجاوزات الخاطئة، حتى يرتدع هؤلاء.
يؤكد هذا الردع ، ما جاء ضمن تعديل المادة 75 من قانون المرور السعودي 2022 ،حيث يجب فرض عقوبة قاسية بالحجز والتنفيذ فوراً على أرصدة الحسابات البنكية لمرتكبي المخالفات المرورية في حال عدم سداد الغرامات الخاصة بالمخالفة مباشرة وفق الآلية التي وضعتها وزارة الداخلية بالتعاون مع كافة الجهات المعنية ، وفي الوقت عينه يحق لجميع المخالفين الطعن في جميع مخالفاتهم أمام المحاكم المختصة.
jebadr@