بما أننا في فترة الصيف والإجازات وقد سافر معظم أهل المنطقة وأصبحت الطرقات خالية من الزحام، أصبحنا لا نحمل همّ الوصول متأخرين إلى العمل ونعود الى منازلنا وابتسامة الرضا تعلو شفاهنا.
دعوني أحكي لكم قصة من ذكرياتي في السفرعايشتها عندما كنت في زمن ما مع أولئك المسافرين حينما كتب لي الله ان أكون منهم:
في ساعات الصباح الباكرة من أحد الأيام ،لفت انتباهي وجود العديد من الناس عند بحيرة داخل حديقة بالقرب من الفندق الذي أنزل فيه، وكان لديّ فضول عظيم لمعرفة السبب وراء هذا التجمع خاصة مع تلك الأصوات التي كانت تصدر من خلالها ضحكات وهتافات لم أفهمها لعدم فهي للغة التي كانوا يتحدثون بها.
في تلك الفترة لم يكن لدي الجرأة التي تجعلني أندمج مع الموجودين وأخوض معهم بل كنت أفضّل البقاء بعيداً ومراقبة ما يحدث فقط، إلا أن الذين كانوا معي لم يتحملوا البقاء بعيداً فالأحداث توالت وظهرت أمور جديدة.
كان سبب ذلك التجمع هو تحدٍّ واستعراض للقوة بين الشباب تلزم الخاسر بالخروج من السباق ، فيما كان المتسابقون يخرجون الواحد تلو الآخر: منهم من كان في سن المراهقة ومنهم شباب في مقتبل العمر.
وآخرون في العقد الثالث والرابع. كانوا يخرجون من السباق وقد ظهر على محياهم الندم من الهزيمة دون مفارقة جو المرح الظاهر على الموجودين والذي شملنا معهم.
لم تصل إلينا الصورة كاملة ممّا جعلنا نقترب أكثر من الحدث لنُصدم بأن المتسابق الذي قضى على معظم المتحدّين، شيخ في العقد السابع ولكنه يتمتع بصحة ممتازة وبنية عضلية لا بأس بها ،وكان يصدر صيحات النصر في كل مرة يطرح فيها خصمه أرضاً. لم أتمالك نفسي من الضحك الى درجة أن علا صوتي ونغزني من كان بقربي لأن البعض أصبح ينظر إلي ّ مستنكراً ليس لضحكي بل لإدراكهم أنني في تلك الحالة استنكر ما قام به ذلك الشيخ العجوز، أقصد البطل فليس هناك عجوز في تلك القصة غيري!
ما علينا، بعد أن حصل بطلنا على جائزته و كانت عبارة عن كوبون لوجبة غداء لشخصين ،سمعت من خلفي أحدهم يتحدث
بالعربية:
(دا لوعندنا كان قالوا عليه بعد ماشاب راح الكتّاب)!
نظرت في من قالها مؤيدة له بل تمنيت أن أزيد على قوله بأنهم لن يتركوه في حاله :أراح الكتّاب أو بقي داخل صومعته على حدّ سواء، إلا أنني بالفعل أخذت أقلّب الفكرة في رأسي فكم من همّة هُزمت بتلك العبارة وكم من بطل كان من الممكن أن يحقق شيئاً عظيماً لو لم يلمزه أحدهم وجعله يتخلّى عن كل ما كان يحلم بتحقيقه.
ليس هناك كهل أو عجوز إلا من رضي بأن يبقى متقوقعاً ينظر بريبة خوفاً من أن يعيش بروحه دون أن يسيطر عليه عداد السنين مع أن إخوتنا المصريين يقولون دائماً :” الدهن في العتاقي”.
eman_bajunaid@