اجتماعية مقالات الكتاب

كن جميلاً ترى الوجود جميلا

هكذا هي الحياة تضجّ بما يعجبنا ومالا يعجبنا، فما يعجب أحدهم قد لا يعجب الآخر، وما لا يعجبنا، قد يُعجب به غيرنا وهكذا. فما أجمل أولئك الناس الذين يؤمنون بهذه القاعدة ،فنجدهم يرون الجمال في كل شيء لأن الجمال في أنفسهم كما قال شاعر المهجر اللبناني إيليا أبو ماضي في عجز بيته الشعري الشهير:
أيها الشاكي وما بك داء كن جميلاً ترى الوجود جميلا.

أتذكر منذ زمن بعيد أن والدتي -رحمها الله- ما إن تزور أحد معارفها ، حتّى تخرج وهي تشتكي رغم أن وضعها جيّد وأمورها لا بأس بها ، في حين كانت البهجة لا تفارق زائرة أخرى رغم مشاكلها وظروفها الصعبة .
كانت والدتي تعتبر زيارتها أشبه بالبندول بالنسبة للصداع بينما الأخرى هي الصداع نفسه!

وكنت بحكم صغرسني وقلة خبرتي بالحياة ،أعتقد أن الشكّاية أفضل من الأخرى لاعتبارات مظهرية -للأسف-.
وكعادة والدتي ، لابدّ من استغلال كثير من المواقف للتربية .فكانت تقول لي : إن الفرق بين الاثنتيْن يكمن في الرضا والقناعة فإنهما كنز ثمين لا يفنى .
إن من لا يرضَى ولا يقنَع، يرى الحياة بكل ما فيها، قاتمة مظلمة بل يتحول الجمال في نظره إلى قُبح.

تلك إذن ، مشكلة عويصة بالفعل يلزم من يعاني منها العلاج حتى يرتاح فمثل هؤلاء يحرمون أنفسهم نعمة التوفيق للحمد والشكر لله العظيم على نعم يملكونها ولا يدركون قيمتها . فالحامدون الشاكرون الممتنون لله ثم لأهل الفضل ، تزداد درجاتهم ، وبالصبر تُفتح لهم أبواب الخير إن عاجلاً أو آجلاً.
من أراد الراحة،عليه التحلّي بالشكر وتقدير جهود
الآخرين ورؤية الإيجابيات في كل شيء .ومن يتمتع بجمال الروح وصفاء القلب ،لا ينشغل بالتفكير ورصد عيوب الآخرين ونقائصهم ، أو استحداث نقص فيما لانقص فيه ، بمعنى أن يختلق العيوب والنقائص في صور يرى فيها غيره من الجمال ما فيها!

أمثال هؤلاء حقيقة أدعى للشفقة والعلاج النفسي على الأرجح ، ذلك أنهم يؤذون أنفسهم قبل غيرهم ويتعبون وقد يتمكّن منهم الحسد والغيرة وتأكلهم نار الأفكار السلبية ويبتعدون عن التفكير السليم في أنهم يعيشون وسط مجتمع متنوع الصفات والطباع والقدرات لكن الجميع بلا تردّد يستحق الإحترام والتقدير لكل ما يقدمه في ضيافة كبيرة أو صغيرة أو هدية في مناسبة ما يجب أن يكون محل تقدير وثناء بكلمات راقية معبّرة عن نفس سويّة قنوعة بما لديها ممتنّة لكل طيب لأن الكلمة الطيبة صدقة ورفعة لصاحبها وكم نقابل في حياتنا من أنواع البشر لكن ممّا لا شك فيه أن الأشخاص الإيجابيون هم من نحتاجهم وهم الداعمون لنا دون قصد فمجرد التواجد معهم يرفع من مستوى الطاقة الإيجابية وتنتعش الروح بوعيهم وفكرهم الملوّن بألوان الفراشات.

مثل هؤلاء الأصدقاء ، يجب الحفاظ عليهم وعدم خسارتهم وكسب لحظات التحليق معهم نحو آفاق هادئة هدوء نفوسهم مهما اختلفت أوضاعهم وتعدّدت حاجاتهم وكثرت مشاغلهم فهم متفائلون مبتسمون مشرقون يرون الجمال في كل شيء فما أجمل الحياة بهم ومعهم ودمتم.

@almethag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *