عبدالله ادريس الفنان التشكيلي صاحب الحضور الأقوى في الساحة التشكيلية صديق خرجت به مكسباً من بيت الفنانين التشكيليين وكانت البداية مقالاته التي نشرها ينتقد فيها أداء البيت عندما كنت أرأسه وكنت من خلالها أعرف الأخطاء التي كنا نرتكبها دون قصد وكانت كتاباته الصادقه سبيلاً لبعض التحسينات .
واستغرب البعض حرصي على الاقتراب منه تقديراً مني لصراحته ظانين أني سأناصبه العداء كما يفعل البعض مع من ينتقدهم ولا غرابة فهذا ديدن الإدارات في مجتمعاتنا تقرّب المطبّلين وتقصّي الناقدين. يحلو لي عندما أقدم عبدالله ادريس انه أحد أفضل خمسة فنانين على مستوى المملكة وإن كنت لا أستطيع أن أحدّد هؤلاء الخمسة.
رافقت عبدالله منذ ربع قرن ودامت علاقتنا بسبب أنه لا يجاملك في أي قضية وخاصة القضية التي تتعلق بالذوق فأنا أؤمن أننا نتطور بمصاحبة هذا النوع من الأصدقاء ولا يعطل تطورنا الا المجاملات لذا فهو في سجال دائم خسر فيه البعض وكسب فيه البعض الآخر في الساحة وخارجها واعترف أن الساحة التشكيلية لم تنضج بما فيه الكفاية حتى اليوم بالرغم أن تجربتنا تمتد إلى أكثر من ستين عاماً. عبدالله ادريس كغيره من الفنانين له مزاجه الخاص وسلوكه المختلف ورؤيته التي تكشف له الأمور من زاوية تغيب عن الأشخاص العادين فالموهبة والإبداع تصنعان من شخصية صاحبها إنساناً لا ينتمي للقطيع ولا يقبل المواقف باستسلام من لا يملكون صفات الفنان .
من صفات عبدالله التي اكتشفتها من أول أسبوع رافقته فيه هو عنايته الفائقة بالقطط عناية تصل بك إلى التذمّر أحياناً فكثيراً ما أجد نفسي في صيدلية بيطرية لشراء دواء أو في زيارة قط ينام في عيادة طبيب بيطري وهالني مرة أنه أهدى لوحة فنية من أعماله لطبيب عالج أحد قططه المدلّلة .
كان كلما قبض ثمن لوحة ، يتوجه الى ركن طعام القطط في بقالة معروفة لشراء مالذّ وطاب لهذا لم استغرب عندما رأيت أحد قططه ينتظره أمام مدخل العمارة حيث يسكن عبدالله وكنا تأخرنا ذات مساء في سهرة بعيدة عن المنزل. ولا أنكر أن عبدالله ادريس صديق كريم كثيراً ما يدعو أصدقاءه ولكن ما لا حظته موخراً أنه أصبح يدعوني على العشاء أولا كلما باع لوحة من أعماله المميّزة قبل شراء طعام القطط ممّا يجعلني أشعر بأني وبعد ربع قرن أصبحت أكثر حظاً من القطط التي تنتظره كلما تأخر.
sal1h@