ذات مساء أتيت إلى إستراحتي وإذا الصمتّ يخيّم على المكان إلا من زغزغة العصافير وكأنها تخبرني بشيء ماء قد حدث . تقدمت رويداً وعلى مهل وخائفًا يترقب الي الداخل باحثاً عن عامل الإستراحة وسبب هذا الصمت المخيف فكلما تقدمت وإذا صوت أنين مع بكاء فأسرعت في الخطى حتى وصلت الي مكان العامل وإذا البكاء ودموع الحزن سائدة بين كل الموجودين منه وممّن حضروا من أصحابه القادمين إليه لمشاركته الحزن ، ولما شاهدني زاد في البكاء حتى أبكاني والحضور معه فسألت فعرفت بأن أمه قد ماتت في بلادها وإذا الجوال أمامه وهو يتابع مسيرة الوداع والنظرة الأخيرة لوالدته عن بعد فنظرت في وجهه فشاهدت في عينيه تأثره الشديد من مصيبة الموت وأن الحزن حزنان : حزن الغُربة وحزن فقد الأم . ومَن مثل الأم فاسمها واحد في كل اللغات العالمية وفضلها كبير وفقدها مصيبة.
عندها وقفت حائراً باكياً وهدأت من روعه ففي الحزن تختفي الفوارق فالحزن واحد والدموع واحدة والمصير واحد ، وبعد أن هدأت مصيبة موت الغربه البعيد القريب حمدت الله وقمت بالواجب الذي يجب ان أقوم به كإنسان متذكّراً قصة رواها لي والدي عن وفاة والدته جدتي ( رحمها الله ) يقول : كنا قديماً قبل هذه النِعم التي تترى ، نركب البحر في السفن الشراعية مسافرين إلى الدول المجاوره لنبيع ما معنا من منتجات بحرية وغيرها ونشتري من عندهم الملابس والمواد الغذائية ونأتي بها وهذه الرحلة تستمر أشهرًا.
وفي هذا يقول :إشتريت لأمي هدايا وذهب ولمّا وصلت وإذا والدتي تصارع الموت وفي لحظاتها الأخيرة -رحمها الله- ولم تشاهد الهدايا التي أتيت بها من بلاد الغربة وماتت والدتي وبقيت الهدايا بلامعنى وهدف وتاهت فرحتها وفقدت قيمتها مع مصيبة الموت.
لما تذكّرت هذه الحكاية ،أدركت أن الأيام دول ولاتبقى على حال . و الحزن هو الحزن لايتغي في كل الأزمان ولكنه في الغربة مضاعف وغير : شاهدت ذلك في عيون ووجه عامل إستراحتى وهو يبكي بكاء الأطفال وهو القوي الأمين .
لذلك مشاركة إخواننا من العمال في أحزانهم وأتراحهم واجب اسلامي ووطني وأخلاقي وفيه من الأجروالخير الكثيرفهو يحقق الرضى النفسي والإجتماعي
والإنساني ، فاكرموهم وخاصةً في أحزانهم فالحزن شعور إنساني لايختلف مهما اختلفت اللغات والعادات والتقاليد.
lewefe@