قبل سنوات طويلة وفي بداية حياتي الوظيفية ،كنت مدرباً مساعداً وكنت أخاطب رئيسي المباشرالأمريكي الجنسية باللغة الإنجليزية منهياً كلامي في إجابتي على تعليماته بجملة:” نعم سيديYES SIR” وذلك وفق ما تعلمناه في مدارسنا أثناء دراسة اللغة الإنجليزية.
وبعد فترة وجيزة تم ترفيعي الى وظيفة مساعد مدير ودخلت مكتب رئيسي كي أشكره . وهنا أغرقني بالنصائح والإرشادات والتعليمات . وكنت أردّ عليه كالعادة بقولي : ” نعم سيدي YES SIR” . وفجأة طلب مني أن لا أخاطبه هكذا لأنه لا يليق بي وأنا مساعداً له أن أخاطبه بهذه الكلمات وبهذا القدر من الإحترام . وقال لي : “أنت الآن مدير تخاطبني وتناقشني وتعترض وتعبّر عن رأيك مهما كان مختلفاً عما أقوله لك.”
لقد أثبتت الدراسات الحديثة أن أجيال اليوم لها إرتباط وإحتياج شديدين بالإحترام: إحترام الوالدين لأبنائهما وإحترام المدرس لتلاميذه وإحترام المدراء لموظفيهم وإحترام المجتمع للشباب بجنسيه الخ ..
في الماضي كانت أعراف وطقوس تعامل الصغار للكبار والموظفين للرؤساء هو إسداء واجب الطاعة والإحترام. أما بعض موظفي جيل اليوم ، فهم الذين في حاجة الى الإحترام ويطالبون به من قبل رؤسائهم بصرف النظر عن مستواهم الوظيفي أو نوعية وظائفهم ، بل أصبحوا شديدي الحساسية تجاه فقدانهم لهذا الإحترام . ومن نتاج سلوك الرؤساء الذين يتجاهلون إحترام موظفيهم ، أنه يوجد بيئة عمل مسمومة يصل الى حدّ التخريب من قبل بعض الموظفين أو يدفعهم الى ترك العمل.
تشير الدراسات النفس عصبية الى أن الدماغ البشري يتأثر بمشاعر الإحترام من عدمه بعيداً عن التفكير الناضج والموضوعي حيث تصل مشاعر وأحاسيس الإحترام الإيجابية أو السلبية الى أعماق جذع الدماغ خلال جزء من الثانية من خلال تعليمات تصل الى غدد تفرز هورمونات الأدرينالين والكورتيزول ونيوفورين وتعلو الضجة في ضربات القلب وتتسارع عمليات التنفس وتتجمد العضلات ويندفع الإنسان لإتخاذ قرار أو إجراء ما إيجاباً أو سلباً.
ولكي نتجنّب ردود الأفعال هذه ،يجب أولاً وأخيراً أن نبادر لاحترام الآخرين بصرف النظر عن موقعهم وأعمارهم وعلاقاتهم الإجتماعية والوظيفية وأن نجعل من هذا السلوك طقساً وعاددةً ومبدأ في الحياة .