البلاد الرياض
لطالما لعبت الفنون دوراً محورياً في تشكيل الوعي لدى المجتمعات على مر العصور، فالفنون بشتى أنواعها تتجاوز كل الفوارق اللغوية منها والثقافية، لتمكّن الشعوب من مد جسور التواصل والتقارب والتعارف فيما بينها. وتأتي السينما كواحدة من أكثر الفنون تأثيراً في المجتمع الحديث، وجزءًا رئيساً من المشهد الثقافي المجتمعي، انطلاقاً من دورها المهم في إعادة تشّكيل ثقافة المجتمع، وفكره؛ لتصبح بذلك من أقصر الطرق وصولاً وتأثيراً لعقل الجمهور وتفكيرهم ووجدانهم.
وشهد قطاع السينما في المملكة مؤخراً، قفزات نوعيّة وتقدماً كبيراً، وذلك نتاج للجهود المتواصلة التي تقدمها المملكة لتعّزيز صناعة السينما، كونها أحد القطاعات الثقافية الأسرع نمواً وعنصراً مهماً في صناعة الترفيه. وتأتي هذه الجهود المبذولة في قطاع السينما، عبر أعمال وإسهامات تحاكي التطور الثقافي والحضاري، من خلال إقامة مهرجانات سينمائية محلية ودولية منها “مهرجان البحر الأحمر”، و “مهرجان أفلام السعودية”، لتصبح بهذا مركزاً للإبداع والتميز، وبيئةً جاذبة تستقطب المخرجين والممثلين والفنانين والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم، وتوفر فرصاً إستثمارية من خلال الدعم المالي للمشاريع السينمائية المحلية الذي يقدمه الصندوق الثقافي.
وفي هذا الصدد حرصت المملكة على دعم صناعة الأفلام، وأسست العديد من الجهات الداعمة، من بينها “هيئة الأفلام” التي تهدف إلى بناء وتنمية قطاع أفلام سعودي إبداعي وتعزيز قدراته على مستوى الأسواق المحلية والدولية، كما تعمل على تشجيع الكوادر الوطنية في قطاع الأفلام، إذ تم تجهيز 66 صالة سينما بأحدث التقنيات في 20 مدينة حول المملكة، بإجمالي 607 شاشات عرض، وقدرة استيعابية تصل إلى 62,530 مقعداً، ويتم تشغيل هذه الصالات عن طريق سبع شركات عالمية، مما يوفر تجربة سينمائية فريدةً ومتنوعةً للجمهور.
وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام عبد الله آل عياف، تطور صناعة السينما المحلية، وسعيها إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لإنتاج الأفلام، مشيراً إلى أن الإيرادات السينمائية في المملكة الوقت الحالي تحظى بأسرع وتيرة نمو لتقفز بذلك إيراداتها من 15 % إلى أكثر من 40 %، من خلال المشاركة في مهرجان كان السينمائي الدولي، حيث كانت هيئة الأفلام قد أطلقت برنامجها التنافسي لحوافز الإسترجاع النقدي بنسبة 40 % العام الماضي في المهرجان؛ لتشجيع منتجي الأفلام المحليين والإقليميين والدوليين لإقامة أعمالهم الإبداعية بالمملكة.
ومن جانبها تلعب الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، دَوْراً حاسِماً في رقابة وتصنيف المحتوى، بناءً على مَعايير دقيقة تهدف إلى حماية المجتمع وتعزيز قيمة كونها السلطة الرسمية والمسؤولة عن جميع الأفلام التي تعرض على شاشات دور السينما السعودية، حيث يتم التحقّق من قيمة محتوى الفلم لتحديد التصنيف العمري المناسب له، وفي حال دعت الحاجة لإجراء تعديل ما ، يتم التأكد من نوعية هذه التعديلات وجودتها قبل السماح بعرض الفيلم للجمهور.