جدة – محمود العوضي
فقد الوسط الصحفي والإعلامي العربي عامة، والسعودي والمصري خاصة، واحدًا من أخلص وأمهر ممن عملوا في بلاط صاحبة الجلالة، وأكثرهم مهنية وخبرة. إنه الصديق والأستاذ والوالد والخبير الصحفي” محمد طلبة دويدار”. عندما طلب أ. خالد المعينا رئيس مجلس الإدارة، وأ. محمود أحمد محمود المدير العام لمؤسسة البلاد، وأ. حمد مطبقاني رئيس التحرير، عمل مرثية صحفية تليق بالراحل الكبير، طلبت مساعدة الأخ الأستاذ الصحفي المرموق عبدالله الحارثي؛ بحكم زمالته وصداقته القوية مع الفقيد، فأمدني بمواد من رفاق درب الأستاذ طلبة وأصدقائه الخُلص، لو اتسع المجال لنشرها كلها، فلن تكفي جريدة بكامل صفحاتها حتى نحتويها كلها؛ فآثرت الاختزال قدر المستطاع. فرحمة الله وسلامه على روحك الطاهرة أستاذي ووالدي الفاضل محمد طلبة.
المعينا: خبير صحفي بكل معنى الكلمة
تلقيت خبر وفاة الصديق الصحفي أ. محمد طلبة، بألم شديد، فقد عرفته منذ أمد طويل خلال رئاستي لتحرير” عرب نيوز” إبان عمله – يرحمه الله- في ” عكاظ”، والتقيته عدة مرات، فوجدت فيه نُبلًا ودماثة خلق، قلما نجدها في كثيرين، وبعد ترؤسي لمجلس إدارة مؤسسة البلاد، جاءنا زائرًا لمدة 3 أشهر، كان فيها نعم المستشار الأمين، والخبير الصحفي، وما بخل على المؤسسة بأي فكر؛ من أجل التطوير ومواكبة أدوات الإعلام الرقمي الحديث، فرحمة الله عليه وتغمده بواسع رحماته.
خالد المعينا- رئيس مجلس إدارة مؤسسة البلاد للصحافة والنشر
موسوعة صحفية
فقد الوسط الصحفي العربي والمصري قامة صحفية كبيرة، حيث أعتبر أ. محمد طلبة – يرحمه الله- رمزًا من رموز الصحافة، وقد أفنى عمره في خدمة وطنه ومساعدة الآخرين. فكان لا يتردد في مد يد العون لمن أراد المساعدة. فكان نعم المعلم والمربي والأستاذ.
تعرفت على هذه القامة الإعلامية بعد انتقالي للعمل كمدير عام لمؤسسة البلاد للصحافة والنشر. حيث التقيته للمرة الأولى على ضفاف النيل في القاهرة، ودار بيننا نقاش طويل حول وضع الصحافة وكيفية الخروج من عنق الزجاجة والمضي بها نحو التحول الرقمي الشامل. فوجدته موسوعة في هذا المجال؛ بل ويتحدث بلغة العصر وبضرورة الاعتماد على التقنية وتقبل التغيير؛ لإنقاذ هذه الصناعة، وظللت على تواصل دائم معه، وجمعتنا مكالمات طويلة، خاصة عند رجوعي من المدينة المنورة إلى جدة كل أسبوع. فكنت أقضي معه قرابة الساعة على الهاتف نتحدث عن المستقبل والتغيير.
لا أجد عبارات يمكن أن أصف بها هذا الإنسان الرائع. ولا أنسى رسالته الأخيرة لي؛ حيث طمأنني فيها على حالته الصحية، مع وعد بلقاء قريب بالقاهرة هذا الصيف، ولم أكن أعلم أنها ستكون الأخيرة. رحم الله الأخ والصديق محمد طلبة، وأسكنه فسيح جناته.
محمود أحمد محمود المدير العام لمؤسسة البلاد للصحافة والنشر
براعة أفكار
رحم الله الأخ والصديق والزميل الكاتب الصحفي محمد طلبة، مدير مكتب صحيفتي “عكاظ” و”المدينة” في القاهرة، وقبلهما كان أحد رموز عكاظ ، فهو من البارعين في توليد الأفكار، ومن المحترفين في المطبخ الصحفي. زاملناه سنوات طويلة في عكاظ، وقد استفدت منه كثيرًا في شؤون وشجون المهنة.
رحمه الله وغفر له، وأسكنه فسيح جنانه،، وأحر التعازي لأسرته ولزملائه الكثر، ومحبيه الأكثر. إنا لله وإنا إليه راجعون.
قينان الغامدي
رئيس تحرير الشرق سابقًا
طلبه الذي عرفته
جمعت بيني وبين الصديق محمد طلبه دويدار سنوات من الزمالة في عكاظ، قاربت الثلاثين، وحين عاد إلى مصر استمرت صداقتنا حتى قاربت الأربعين عامًا، كان خلال هذا العمر من الصداقة أنموذجًا في الوفاء والرغبة في التواصل والحرص على استقرار علاقة الود، التي لم تكن تجمعني به- فحسب- بل تجمعه بالزملاء جميعًا، وتجعله واسطة العقد بيننا- إن حضر وموضع حديثنا إن غاب. لم يكن طلبه زميلًا وصديقًا- فحسب- وإنما كان أستاذًا ومعلمًا وأنموذجًا في العمل الصحفي، تعلمنا على يديه ومن خلال ملاحظاته كثيرًا من فنون العمل الصحفي، الذي كان متفانيًا فيه تفاني من يحترف المهنة، ويعرف أسرارها؛ ولذلك كله كانت له بصماته الواضحة في كل تطوير شهدته عكاظ خلال عمله فيها، بل كان أحد عوامل نجاح عكاظ في ذروة ما حققته من ازدهار.
وحين نفقد طلبه، فإننا لا نفقد زميلًا وصديقًا، بل نفقد صحفيًا كبيرًا قلَّ أن يجود حقل الصحافة بمثله.
أسأل الله له الرحمة، كما أسأله تعالى أن يربط على قلوب أبنائه ورفاق دربه ومحبيه بالصبر.
سعيد السريحي
مساعد رئيس تحرير عكاظ سابقًا
طلبه أخلَّ بوعده لي
رحيل الأخ والصديق محمد طلبة كان فاجعًا، فقبل إعلان وفاته بساعات كان حاضرًا في مواقع التواصل ينثر جماله وطيبته بين أصدقائه من خلال الواقع الافتراضي، بينما كان محمد طلبه واقعًا حقيقيًا بصفائه ونبله. علاقتي بمحمد علاقة ممتدة وموغلة في الود. تزاملنا عشرات السنوات، وكانت كل ليلة من ليالي الدوام في جريدة عكاظ لنا فيها حكاية.
في إحدى الليالي فتحت باب مكتبه، وكنت مشفقًا على غربته الطويلة، ومن باب الحب، قلت له: كم سنة مضت وأنت مغترب، الغربة تغتال وجودنا يامحمد، ألم يئن لك العودة إلى بلدك.
كانت كلماتي جرافة حارقة. تنبهت لاهتزاز جسده، وتساقط دموعه.
لم أقل جملتي تلك إلا بسبب اشتعال رأسه بالشيب، وهو الذي أتي لعكاظ في شرخ الشباب.
احتضنته معتذرًا من قسوة الكلمات، وإن حملت حبًا عميقًا له، وخشية عليه من تفتت جسده في الغربة، وإشفاقًا عليه من تراكم السنوات على قلبه، الذي أفرط في حب الجميع، والمحب دائم الحنين للمكان الأول لوجوده. تفلت من بين يدي قائلًا: عبده لم يعد لي من بلدٍ سوى هنا. هنا غرست جذوري من جديد، ولم أعد أطيق مفارقة مكان وأصدقاء تغذيت بحبهم. هنا أمضيت زهرة شبابي، ولم يعد لي من مكان وأصدقاء إلا هنا.
علاقتي بمحمد طلبة شديدة الخصوصية، وكان يهبني من نهر طيبته ماء غدقًا، ويصر على قراءة أية رواية أكتبها قبل أن تنشر، وذات يوم جاء محملًا بتحية أحد أرحامه: ياعبده يقول لك رحيمي، انتبه على صحتك، واكتب رواياتك قبل أن تموت.
الله الله يا محمد، ها أنا ألحق بك في وفاتك وأقول لك: لم نتفق أن ترحل قبل أن أنهي روايتي العالقة بين صدري والكتابة. رحلت وأخللت بالوعد في أن تقرأ آخر رواية سوف أكتبها. نعم أخللت بالوعد، فليرحمك الله، ويسكنك فسيح جناته.
عبده خال
الكاتب والروائي
أخلاق ابن البلد
تزاملنا طوال عقدين من الزمن، ولا زلت أتذكر اليوم الأول الذي دخل علينا فيه صالة التحرير شابًا ممتلئًا عقد فيه منذ اللحظات الأولى علاقة ود مع الجميع.
وتدرج وتنقل في عدة أقسام وتولى عدة مهام، كان فيها جميعًا بذات النفس وذات الاهتمام والحرص.
العمل بالنسبة له كان” عبادة” ويصيبه بحالة اندماج، قد يخرج فيها عن طوره مع من حوله، ولا يلبث أن يعود لأخلاق ابن البلد بعد لحظات.
عند استقالتي من عكاظ وترؤسي لصحيفة شمس، كان أول المتصلين والمهنئين، ولم يقطع تواصله معي بكل وفاء إلى أشهر عدة مضت.
عزائي لحرمه وأبنائه وأسرته ولكل زملائه. رحمه الله وغفر له.
خالد دراج
رئيس تحرير صحيفة شمس سابقًا
واحشني بجد
“واحشني بجد”.. بمثل هكذا عفوية وهكذا حنين، وهكذا محبة، يباغتك محمد طلبة برسالة على الواتس آب، تغيب عنه، فيفاجئك باتصال ليخبرك فقط أنه اشتاق لك. لا يريد إلا أن يبقي أخوته ومحبته لك متقدة لا تخبو ولا تنطفئ؛ لأنه محمد طلبه الاستثنائي صديق الجميع وحبيب الجميع.
يوم رحيله يوم حزين، وخبر فراقه فاجعة. أخي وحبيبي وصديقي ورفيق مشوار الصحافة.
أبو عمرو واحدٌ من أعظم الصحفيين وأكثرهم مهنية، التقيته أول مرة عندما انتقلت من فواصل إلى عكاظ قبل أكثر من 20 عامًا، وكان أول من عملت معه عن قرب في عكاظ، سهرنا سويًا، وتقاسمت معه الجنون، وعملنا معًا لقرابة 15 عامًا، ما عرفته إلا إنسانًا خلوقًاً معطاءً لكل من حوله، معلمًا لكل من التحقوا بعكاظ في فترة عمله بها. “واحشني بجد” رسالة لن أنساها يا محمد.. كنت تواسيني في رحيل الغالي خالد طه- رحمه الله- واليوم أحتاج من يواسيني فيك. سلم لي عليه وعلى مصطفى إدريس.. ولكم أيها العمالقة العزاء فينا نحن. رحمك الله أبا عمرو وثبتك وغفر لك وأكرم منزلك ورفع منزلتك ورزقك لذة النظر إلى وجهه الكريم.. وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.. ما أعظم الفقد!
د. محمد علي الحربي
مساعد رئيس تحرير عكاظ سابقًا
وصية ومكالمة الوداع
رحل محمد طلبه، وانطفأت شمعة مضيئة في الوسط الإعلامي، ترك خلفه إرثًا كبيرًا من الصداقات والمحبة بين محبيه ومعارفه.
قبل أربعة أيام من رحيله، اتصلت به للاطمئنان عليه من العارض الصحي الذي ألمَّ به، كانت مكالمة الوداع، أصعب كلمة وداع في تلك المكالمة” أشوفك على خير ياحبيبي” وقبلها كان يوصيني بأمور؛ بعضها لا أستطيع البوح بها، والبعض الآخر كان يتحدث بعفويته المعتادة. عندما قلت له” خلاص عجزت، انتبه على صحتك يا حج محمد، فرد” : أنا ما عجزت ولا حاجة. شوية عيا وبيروح لحاله”.
عرفت الراحل منذ ثلاثة عقود، كان فيها نعم الأستاذ والزميل والصديق والأخ، والكلمات لن تفيه حقه؛ لأن فضله كبير- بعد الله- على كل من عمل معه، أو رافقه خلال مسيرته المهنية، الذكريات كثيرة ويصعب حصرها بحكم عملنا طيلة عقود مضت، نتفق ونختلف معه في العمل، لكن يجمعنا هدف واحد هو تميز الصحيفة، كان يبث فينا جميعًا- بلا استثناء- روح المنافسة، وكان بمثابة الأخ الأكبر الذي يحرص على إخوانه، ويعمل جاهدًا للوقوف بجانبهم وتحفيزهم والتصدى لمشاكلهم والعمل على حلها.
بعد أن غادرنا عكاظ، التقينا في” البلاد” العريقة إبان عملي نائبًا لرئيس التحرير؛ إذ عاد من القاهرة مجددًا إلى جدة وعملنا سويًا، وذات يوم وجدته يتناول القهوة في مكتبه وقال:” سيبك من الشاي، أطلب لك قهوة” لم يكمل عبارته حتى تعرض لحالة تشنج اتضح لاحقًا أنها جلطة، استنجدت بالزملاء ونقلناه للمستشفى، وبعد أيام تفاجأت بوجوده في المكتب يمارس عمله، فقلت له: صحتك.. ارحم نفسك، لازم ترتاح وتسافر عشان الأولاد ما يقلقوا عليك. رد كعادته: في إيه، عندنا شغل، ما فيش حاجة، أنا زي الحصان” وبعد شهر عاد إلى القاهرة وبعث برسالة صوتية (حبيبي.. واحشني جدًا جدًا.. ما تعرفشي الفترة التي قضيناها مع بعض في البلاد تعادل كل الفترة الى قضيناها في عكاظ، طبعًا أنت أخي وما عملته معي حقي عليك، لكن تظل أخي، أنا الحمدلله كويس أوي.. بعد ما رجعت كنت حاسس أني أحتاج أن أنام كثيرًا جدًا.. برضه الأولاد عمرو وباسم أصرا على أن أعمل تحاليل وأشعات.. والحمدلله تمام التمام.. وطمني عليك وخلينا على تواصل على طول وربنا يوفقك.. أنت أخ وعزيز وغالٍ، وعارف رجولتك وقد إيه أنت صاحب صاحبك”.
رحل طلبه وبقيت سيرته العطرة ومحبة الناس له. وداعًا أبا عمرو، وإلى اللقاء في جنة الخلد، بإذن الله.
عبدالله الحارثي
مساعد رئيس تحرير عكاظ والبلاد سابقًا
إنسانية الراحل
رحم الله أستاذي وزميلي وصديقي محمد طلبة، غفر الله له وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة في قربه ورضوانه العظيم..
عرفتُ الراحل الكبير، في نصف الربع الأول من التسعينات الميلادية، كنتُ طالبًا في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة؛ حيث كنت أحضر محاضرات الجامعة في النهار، وعندما يأتي المساء أذهب إلى عكاظ للعمل الصحافي والتعلم من أساتذة كبار في المهنة، ومحمد طلبة واحد منهم، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق.
من الأشياء التي أتذكرها حتى الآن، ولا يمكن أن تغيب عن بالي أنني ومع المكافأة القليلة من الجامعة، ومثلها من عكاظ، والأخيرة لم تبدأ إلا بعد سنة من تعاوني مع الصحيفة، كانت صحيفة الشرق الأوسط لديها مسابقة يومية وكنت أجمع كوبونات الأسئلة، كي أشارك لعلي أفوز بجائزتها الكبرى حينذاك، وقد لا أذهب إلى عكاظ في إحدى الليالي، وهو ما حدث فجئتُ في الليلة التالية وقلت لأستاذنا طلبة: أين عدد الشرق الأوسط؟ فقال ماذا تريد به؟ قلتُ: كي أقصّ كوبون سؤال أمس، وأضيفه إلى ما سبقه كي أبعث بها كاملة نهاية الشهر لعلي أفوز بالجائزة، فأنا طالب وغريب وبعيد عن أهلي وفي حاجتها. قهقه ضاحكًا وقال بسخريّة مُرة: عمرك يا علي شفت واحد فاز بجائزة كان محتاجًا لها؟!! كانت إجابته تنطوي على خبرة كبيرة، بما تمارسه المؤسسات التي تتعاطى مع الجمهور، وتصنع لهم الأحلام الوردية كيما يزيدوا من حجم أرباحها!
مرة أخرى، رحم الله محمد طلبة. كان إنسانًا عظيمًا قبل أن يكون صحافيًا خبيرًا، إنسانيته عندما كنت ألمسها في حياته كنت أتصور أنه قد يكون (قديسًا) كان يمرض فيطمئنُّ عليه بعض أصدقائه ويهاتفونه فيرد عليهم: “أشكر تعب قلبي المنهك ومدين لكل آلامه بالحب لأنه جعلني أسمع صوتك يا صديقي بعد غيابنا وانقطاعنا عن بعضنا” قال هكذا للزميل والصديق الشاعر عبدالمحسن يوسف ذات مرة.
أبو عمرو لم يكن أبًا لأبنائه الذين من صلبه- وحسب، بل كان أبًا لكل عائلته من أولاد إخوانه وأخواته وهو أبٌ له قلبٌ كبير بحجم وطن يسع الجميع.. إلى خلود الأبدية البيضاء والجنة العالية الغالية أستاذنا وأخانا وحبيبنا وصديقنا وزميلنا وإنساننا العظيم.
علي مكي
الكاتب الصحافي
أحداث السودان واللقاء الأخير
حين يكون الحديث عن أخي وصديقي محمد طلبة بعد رحيله عن دنيانا، يصبح أكثر صعوبة، فلمن سأكتب، ولماذا أكتب حرفًا لن يقرأه سيد الحرف؟
نعم.. فالحرف في غياب حبيبنا أبي عمرو يفقد بوصلته ويصبح بلا معني.
أبو عمرو لم يكن مجرد زميل عابر جمعت بيننا مهنة البحث عن الحقيقة في وطننا الثاني المملكة العربية السعودية، بل كان أخًا عزيزًا وصديقًا صدوقًا. كان عنوانًا للشهامة والرجولة، للأخوة والصداقة، للنقاء والوفاء.
نعم.. كان أخي أبو عمرو كل هذا وأكثر. على امتداد سنوات العمل التي جمعت بيننا في بلاط صاحبة الجلالة على امتداد عقود ثلاثة.
وحتى بعد رحيلنا عن المملكة وطي سنوات الاغتراب، ظلت أخوتنا وعلاقتنا عنوانًا؛ بل أنموذجًا لما ينبغي أن يكون بين الأصدقاء؛ إذ ظل تواصلنا قائمًا عبر الهاتف بصفة شبه يومية.
ومن كريم الصدف أنني تواجدت في القاهرة مرتين مطلع هذا العام، والتقيته في دارهم العامرة بالتجمع الخامس رفقة ابني تاج السر، الذي تولى أحبتي محمد طلبة وطارق طلبة جميع إجراءات قبوله في الجامعة، وقبل أيام اتصلت عليه لأسأله: ” ابني تاج السر لا يجيب على هاتفه، فقال: أتصل عليه وسأرسل أخاه عمرو لإحضاره”.
وكان الوعد بيننا أن أكون وأسرتي معه في القاهرة بعد العيد مباشرة، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فكانت أحداث السودان التي عطلت سفرنا، وحرمتنا من اللقاء الأخير.
وبعد كل هذا وذاك، إن غاب طلبه فهو غياب شكلي، لأنه سيبقى حاضرًا في قلوب جميع محبيه بما ترك لنا من إرث لا يقدر بثمن، عنوانه الأخوة والمحبة والصداقة والوفاء.
رحمك الله أخي الحبيب أبا عمرو، وأسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
عبدالله عباس
مدير تحرير عكاظ سابقًا
المعلم الحكيم
فقدت بفقد الحبيب الغالي أبي عمرو الأستاذ المعلم والإعلامي البارز محمد طلبة أخًا صديقًا، وزميلًا حبيبًا قريبًا إلى نفسي قربًا حميميًا لصيقًا فريدًا يعرفه كل من يعرفنا في الوسط الإعلامي وغيره.. لم أفترق وإياه يومًا عبر سنوات طوال من الزمالة والصداقة والأخوة وحميمية التواصل، التي لم تنقطع بيننا يومًا- رغم التباعد – عمليًا ومكانيًا خاصة في السنوات الأخيرة؛ لذا فإنني مهما قلت أو أكتب عن الفقيد الحبيب الغالي أبي عمرو، فإن العبارات والتعابير تظل عاجزة كليلة عن أن تفيه حقه، أو أن تليق بوصفه، أو تطاول قامته العظيمة.
رحم الله الأستاذ المعلم الكبير الخلوق باقي الذكر في العقول والنفوس والقلوب محمد طلبة، رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الجنان، وجبر الله مصابنا بفقده.
محمد عبده الكناني
رحم الله “الإعلامي المعلم” طلبه
بداية لا نملك لبلسمة فجيعتنا في وفاة الأستاذ الخلوق الإعلامي الخبير محمد طلبة ” أبو عمرو ” سوى الامتثال لما أوجبه الله علينا حيال كل مصاب جلل كهذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته. رحم الله الحبيب طلبه، وجزى الأوفياء في صحيفة” البلاد” العريقة هذه اللفتة النبيلة.
عابد هاشم
رئيس القسم الفني بعكاظ سابقًا
ورحل أيقونة هاشم عبده هاشم
فقدنا زميلًا عزيزًا، فالراحل محمد طلبة؛ اسم مؤثر في حياتنا الصحافية بكل ما تعنيه كلمة التأثير من معنى منذ ثمانينيات القرن الماضي.
جاءنا من مصر شابًا ولكنه كان يحمل معه أدوات أستاذ كبير، ساهم إلى جانب مثيلين له في صناعة لغة صحافية مختلفة، بقيادة رئيس التحرير د. هاشم عبده هاشم، الذي كان مصرًا على إيجاد لغة جديدة، وصيغة أكثر حداثة في التواصل بين الصحافة والقراء، وتم له ذلك بوجود مطبخ صحافي” ديسك” يقوده الراحل محمد طلبة، الذي كان د. هاشم يثق بقدراته كثيرًا، وكان طلبة مترجمًا لأفكاره التحديثية في العمل الصحافي المستمرة والمتلاحقة؛ حتى غدا أيقونته الأثيرة، التي يوكل عليها كل مشروعاته لدرجة لم يكن يقبل فيها عملنا أو أعمالنا إذا لم تمر من تحت يدي طلبة؛ لتحسينها، رغم إيماننا بصدق وصحة موهبتنا في الصياغة وجاهزيتنا في اللغة، والأساليب المختلفة في التناول، مما يغضبنا أحيانًا، ولكن مع الأيام علمنا كم هو قدر محمد طلبة، رحمه الله، وأنه كان عندنا كبيرًا، كما هو عند د. هاشم.
علي فقندش
رئيس قسم الفن في عكاظ سابقًا
مواقف مشرفة
رحم الله الزميل والصديق الغالي الأستاذ محمد طلبه دويدار، وغفر له وتجاوز عنه.
رحل جوكر الصحافة ومعلم الأجيال، الذي زاملته قبل أربعة عقود في عكاظ. رحل من كان يسعى إلى الألفة والمحبة والتعاون على الخير بين زملائه ومحبيه، حتى بعد تركه العمل الصحفي هنا في المملكة ومغادرته إلى مصر. تنقل في الأقسام المختلفة وأبدع فيها جميعها، عملنا سويًا في صفحة( وطن بلا مخدرات) اليومية، فكانت من أنجح الصفحات، ثم عمل الراحل الكبير مؤخرًا في صحيفة” البلاد” العريقة فكان مبدعًا كعادته.
كان- رحمه الله- يزور المملكة كلما سنحت له الفرصة، وكان يرى الجميع على مسافة واحدة. رحل أبو عمرو بعد أن زرع في قلوبنا أثرًا طيبًا ومواقف مشرفة.
د. صيدلي صبحي الحداد
الصديق الصدوق
بأي أدمع أبكيك يا أبا عمرو، رحل من كان يسعى إلى الألفة والمحبة والتعاون على الخير بين زملائه ومحبيه.
كان من أوائل من تعاملت معه في عكاظ عندما التحقت بها متدربًا، فكان له وقفات لا تُنْسى مع معظم الزملاء، الذين كان نبراسًا وموجهًا ومرشدًا، لم يبخل على أحد في يوم ما بالتوجيه أو الدعم بروحه الدمثة ودعاباته التي لا تنقطع، وابتسامته التي تعلو محياه وإن كان يحمل هموم الأرض. زميل المهنة، صاحب القلم والكلمة المسؤولة الأمينة، صدق فيها مع الله فصدّقه وأحبه الناس.
رحمك الله يا أبا عمرو، فرغم كل ما مررت به من ظروف صحية، فقد كنت معنا حاضرًا بجمال روحك وكرم تعاملك، ولطالما زرعت البهجة والضحكة بيننا وأشعت الفرح والتفاؤل لمن ضاقت بهم الدنيا بكلامك وأفعالك، فكم طبطبت وطيّبت قلوب من حولك.
رحم الله روحًا طاهرة نقية عادت إلى بارئها
صالح الحسيكي
شهامة الفلاح
وداعًا أخي الحبيب
مات أخي الذي لم تلده أمي. وكان القريب في فرحي وهمي. مات أخي الذي كنت لا أتردد أن أطلب منه أي شيء وأستشيره في كل شيء، وأناقشه في أي شيء، مثلما كان يفعل. فقدت أخي محمد طلبة دويدار، الذي لم تكن تفصلني عنه سوى مسافات الجغرافيا، بينما كان معي حاضرًا باستمرار. إن غاب عني لأيام قلقت عليه، واشتقت إليه. فقدت أخي الذي تشاركنا معًا في العمل والأكل والركض في بلاط الصحافة، وتشاركنا فرحة أبنائي وأبنائه عندما كانوا أطفالًا يلعبون ويلتقون معًا وزياراتنا الأسرية. كان يحب ويسعى للتقريب بين الأصدقاء وحل الخلافات بينهم، يجمع ولا يفرق، ولا يحمل حقدًا أو كراهية ولا يضمر سوءًا لأحد.
كنت أشفق عليه من عناء جهده في خدمة الآخرين على حساب نفسه ووقته وصحته، وهو سعيد بتقديم ما يقوم به؛ لأنه يحب الجميع فأحبه الجميع.
كان يتمتع بشهامة الفلاح، عزيز النفس، كريم الخلق، النبيل في مواقفه، المبادر في خدمة أصدقائه وأخوته وزملائه، بلا تردد أو تبرم.
له عند محبيه وأصدقائه رصيد يزيد ولا ينقص.
إني فقدت برحيله من أهداني الله إياه أخًا وفيًا مخلصًا. رحمك الله يا أبا عمرو، يا أخي وصديقي وحبيبي الغالي. وإنا لله وإنا اليه راجعون.
خالد مقبول
أبجديات المهنة
الخميس الماضي كان يومًا صادمًا في حياتي؛ حيث فقدت فيه الأخ والصديق والأستاذ محمد طلبه، الذي كان أول شخص التقيته في عكاظ، وأول أستاذ تعلمت منه الحرف والكلمة. أمسك بيدي وأضاء لي الطريق ومنه تعلمت الكثير واستمرت علاقتنا واشتدت أكثر عندما سكن بالقرب مني، كنت في بعض الأحيان بدلًا من أعرج إلى منزلي أطرق بابه للعشاء والسهر معه. استمر تواصلنا معه بعد رجوعه لمصر، وكان من المفترض أن تلتقي في مصر قريبًا، ولكن قدر الله كان أسبق. رحمك الله، نسأل الله لك الفردوس الأعلى.
محمد الهتار
مدير تحرير عكاظ