المرحلة التعليمية الأولى دأبت بالأخذ بزمام المبادرة في الإنجازات والمشاريع التعليمية، وما قدَّمته من مسيرة مشرِّفة وحافلة عبر الأجيال، فكانت لهم الأدوار البارزة، لشتّى ميادين الحياة المعاصرة، بدءاً بمرحلة الروضة، مروراً بالابتدائية والمتوسطة وانتهاءً بالمرحلة الثانوية، والتَّحوِّل في تقنية وتنوع التعليم الجامعي والعالي، أمام وزارة بحجم التعليم، وتطلعات القيادة السعودية، لتحقيق مراكز متقدمة أمام تحدّيات عديدة، والمسمّيات التي أطلقت عليها، بدءاً من المديرية 1343هـ 1923م، التي تعدّ وضع حجر الأساس، قامت عليها بدايات النظام التعليمي بالمملكة، لما يقارب الثلاثين عاما، وقدَّمت كبار رجالات الدولة، كثمار العطاء والانتاج الفكري، في مرحلة مبكرة في عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ أعقب هذه المرحلة اعتماد أول وزارة للتعليم، تحت مسمّى ” وزارة المعارف” 1373هـ 1953م، بقيادة الأمير(وقتها) فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- كأول وزير تسنَّم هذه الحقيبة السيادية، بمشاركة كبار النخب الوطنية والأدبية بالمملكة.
المرحلة الثانية قادها أولا معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، بسياسة النفس الطويل، والتطوير المُتَدَرِّج بما تسمح به الإمكانيات، ويتحمَّله وعي وثقافة المجتمع، ومعالجة بعض المواقف الطارئة والمتشدّدة بأساليب الإقناع، معتمداًعلى سرعة الإنتشار لبناء المدارس بقدر الحاجة لها، ليأتي بعده ثانيا معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر 1396هـ 1976م، كأول سعودي حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ من بريطانيا، تميّزت فترة الوزير الخويطر بالجدّية والتطوير الميداني، واستقطاب أبرز القيادات الأدبية والفكرية، ومن أبرز هذه القيادات الدكتور عبد الله بن محمد الزيد، مدير عام التعليم بالمنطقة الغربية 1396هـ 1976م ــ 1416هـ 1996م، وعدد من زملائه من القيادات الفاعلة بقرارات سامية، مدراء لعدد من المناطق التعليمية بالمملكة، هذه الكوادر الوطنية من حملة الدكتوراه العائدون من بعثاتهم الخارجية، بعد التحاقهم بالجامعات السعودية، والتي لا يتجاوز عددها آنذاك أصابع اليدين معاً، تم استقطابهم من مواقع قيادية بتلك الجامعات، التحقوا بها عند عودتهم من بعثاتهم خارج المملكة.
المرحلة الثالثة جاءت بحراكها الأسرع، ودخول التقّنيات والوسائل التعليمية الحديثة، وبرامج الإدارة الإلكترونية، واستطاع الميدان التربوي إحتواء ذلك الحماس والمستجدّات المتسارعة، بطريقة متوازنة مستفيداً من الخبرات التراكمية، التي سبقت هذه المرحلة، وجعلت منها القاعدة التنظيمية، التي تسير عليها المنظومة التعليمية، مع زيادة الجرعة التدريبية، في التخصصات المطلوبة، وفتح الورش التعليمية الصباحية والمسائية، والأخذ بأسلوب التطوير المُتَدَرِّج، والاستعانة بالكوادر الأكثر تنظيما وتميزاً، من داخل المنظومة التعليمية نفسها، وإتاحة الفرصة للتدريب الخارجي، وتبادل الخبرات بين قيادات المناطق التعليمية، وتفعيل البرامج المشتركة، وتدويرها وفق خطط زمنية على مدار العام، وانتداب المشرفين التربويين بين مدن المملكة، للالتحاق بدورات عُليا متقدمة، مع تأمين بند الإنتداب الذي يشمل السكن والإقامة، وأدار هذه المرحلة معالي الدكتور محمد أحمد الرشيد 1414هـ 1994م إلى 1424هـ 2004م، لما يقارب العشر سنوات، ليتغير مسمّى وزارة المعارف، لوزارة التربية والتعليم، وتلى ذلك المرحلة الرابعة والتي سأتناولها لاحقاً بالدقّة والرصد بما يواكب رؤية المملكة 2030.
abumotazz@