كثيرا ما استلهم مقالتي من نقاشات تدور بين أصدقائي أو من مواقف أمر بها .
هذه المرة استلهمت عنوان هذا المقال من نقاش لطيف دار في إحدى الإجتماعات، حول تقنية “ChatGBT” قال صديقي مفتخراً :إنتهى زمن المعاناة في كتابة الخطابات.الآن باستطاعتي و بكلمات مفتاحية بسيطة، وضعها في هذا البرنامج الذي يقوم بكتابه خطاب كامل.
قال ذلك مفتخراً، بل وعقّب على ذلك بقوله: إنه قد لا يحتاج إلى سكرتير خاص في المستقبل طالما أن هذه التقنية موجودة. وهذا يعزّز نظرية إختفاء العديد من الوظائف مستقبلاً بسبب هذا التطور السريع للذكاء الإصطناعي.
إذا كان كل ما تقدم من متغيرات تقنية ، قد أصبح حقيقةً ماثلةً وواقعاً معاشاً في حياتنا المعاصرة، فما الذي يمكن أن نقوله أكثر حول الذكاء الاصطناعي، والذي شاهدناه في الآونة الأخيرة ،ينمو نمواً سريعاً ومخيفاً في الوقت نفسه بحيث أصبح يغيّر الطريقة التي نعيش ونتعامل بها مع بعضنا البعض.
تُعرِّف الكثير من المؤلفات الذكاء الاصطناعي بأنه فرع من علم الحاسوب، و(علم وهندسة صنع الآلات الذكية ) ،وبأنه سلوك وخصائص معينة تتسم بها البرامج الحاسوبية، تجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية ،فيما تشمل التعريفات الأخرى المعرفة والتعلّم كمعايير إضافية.
فإلى أين يقودنا هذا التطور بعد ما أصبح من الضرورى مسايرة التطور العلمى والتكنولوجى باستخدام أنظمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ترتبط بإنتاج المعرفة واكتسابها، وتوظيفها لصالح الإرتقاء بحياة البشر في مختلف المجالات.
عن سلبياتها،أرى على المستوى الشخصي، أن هذه التقنيات تقتل الإبداع و تعطّل العقل عن التفكير .
إذاً ما فائدة عضلات الجسم إن لم يواظب المرء على إستعمالها بشكل دوري في إنجاز المهمات ورفع الأثقال حتى يبقى الجسم سليماً؟
وما مصير هذه العضلات في الجسم ، إن قررنا أن يقوم الذكاء الاصطناعي بهذه المهمة ؟
من المؤكد أننا سوف نصاب بالضعف والوهن ،ولن نستطيع القيام بأقل مجهود.
وقس على ذلك مصير العقل إذا ما قررنا أن يفكر الذكاء الاصطناعي أو أن ينجز المهام الذهنية بالنيابة عنا .
وعلى مستوى الطلاب، ماالذي سيحصل إن أُسئ إستخدام الذكاء الاصطناعي مثل (ChatGBT) ، ليقوم بإنجاز المهام الطلابية من واجبات وبحوث، وماذا لو تخرّج هؤلاء وأصبحوا في مناصب قيادية بسبب اعتمادهم على هذه التقنيات؟ وكيف سيواجهون المشكلات التي تتطلب قدرات بشرية في اتخاذ القرار؟
الى ذلك ،يجب علينا كآباء أن نكون أكثر حذراً في تعامل أطفالنا مع هذه التكنولوجيات المتطورة و أن نختار التقنيات المصمّمة خصيصا للأطفال ومراقبة إستخداماتهم لها .
والأهم من ذلك كله ،تعّزيز مفهوم الذكاء الإصطناعي باعتباره ليس بديلاً عن البشر ، وإن كان لا بدّ من خلق توازن ما بين إستخداماتهم لهذه التقنيات الذكية و تعزيز وتنمية وتطوير مهاراتهم الذاتية.
وأختم هنا برسالة وصلتني تقول:”عندما أدخلنا التليفزيون إلى بيتنا ،نسيت كيف أقرأ الكتب. وعندما اشتريت السيارة ،نسيت كيف أمشي. وعندما صار عندي «موبايل» ،نسيت أن أكتب رسائل على الورق. وعندما صار عندي كمبيوتر، نسيت أن أتهجى الكلمات. وعندما تم تحويل راتبي إلى البنك وأسحبه بالفيزا،نسيت قيمة المال. ومع رائحة العطور ،نسيت رائحة الورد .ومع الوجبات الجاهزة ،نسيت رائحة طبيخ البيت. ومع الجرى المتواصل فى الحياة ،نسيت كيف أتوقف؟.
وأخيرا عندما صار عندي «واتساب»، نسيت أن أزور أهلى وأصدقائي.”
ماذا سنقول مع الذكاء الاصطناعي؟
jebadr@