البلاد – نجران
تمثل الصناعات الحرفية في المملكة مزايا نسبية تضاف للنشاط الاقتصادي لما لها من أثر كبير في التنمية والاستدامة، فهي الرصيد الثقافي الذي يعزز هوية المجتمع ويحمي التراث الوطني.
ويعد سوق الجنابي بمنطقة نجران أحد أوجه تلك الثقافة التراثية المادية فهو مجمع صناعي يدوي قديم دأب الحرفيّون فيه مع بواكير صباح كل يوم على ممارسة أعمالهم المصنعية المتمثلة في سن وتلحيم سلّة الجنبية وجعلها حادة ولامعة، إضافة إلى إصلاح وتعديل حزامها المصنوع من الجلود، وتنظيف وزخرفة الرأس المصنوع من الخشب أو قرن وحيد القرن، وممارسة البيع والشراء في جنبات السوق الذي يقع في حي أبا السعود التاريخي.
وتُعد صناعات الجنابي من الصناعات القديمة في الجزيرة العربية التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد حيث كانت تستخدم كسلاحٍ يدافع به الإنسان عن نفسه من الحيوانات المفترسة والأعداء، فيما أصبحت اليوم تستخدم للزينة والتجمل ورمزاً للاعتزاز والأصالة تتوارث جيلاً بعد جيل، بوصفها جزءاً من الهوية النجرانية التي تعبر عن أصالة الأزياء الشعبية للرجل في احتفالاته ومناسباته الاجتماعية.
ويشكل سوق الجنابي أيقونة سياحية وثقافية للمنطقة حيث يرتاده كل يوم المتسوقين من داخل المدينة والمحافظات التابعة لها ومن المناطق القريبة الذين يلبسون الجنابي مختلفة الأنواع والأشكال والزخارف بهدف البيع أو الشراء أو إصلاح خناجرهم، كذلك يرتاده الزوار من المنطقة والسياح الأجانب للتعرف على ثقافة المجتمع المحلي وأزيائه الشعبية القديمة.
وأكد عدد من السياح الغربيين عن سعادتهم بالتجول في سوق الجنابي ومشاهدة المعروضات، حيث أوضح “كريستيان” من دولة سويسرا، أنهم قدموا إلى منطقة نجران بعد سماعهم أنها مدينة تاريخية حيث زار القصور الطينية والتاريخية بالمدينة، كما زاروا السوق للتعرف على عادة وتقاليد المنطقة لما يحتوي من صناعات شعبية وأزياء تراثية.
فيما أكدت السائحة “أزبيل”، أن ما جذبها لزيارة المملكة هو تعرفها على الكثير من السياح السعوديين في دولتها سويسرا وما لمسته من حسن التعامل والأخلاق منهم، مما دعاهم لزيارة المملكة، واتجهوا لمنطقة نجران، لأن الأهالي بها لطيفون ولأنها منطقة تاريخية وأثرية تستحق الزيارة والتعرف على تاريخها وثقافتها وآثارها المميزة والقديمة.