يتنمذج عالم الفرد من خلال عمليات التفكير الذهنية والتي تؤهله الى التعامل بفاعلية اكبر وابداع اكثر فهذه العمليات بمثابة الوقود الحيوي لحاجة الدماغ الى التطور والتقدم ويرتبط الاشخاص في محيطهم بماضيهم ارتباطاً مباشراً وبجميع مراحل حياته فيجد ذاته خبيراً في اصلاح الخلل معتمداً على تجاربه ومواقفه السابقة.
ولكن ماذا لو ان عملية النمذجة هذه اصبحت تسير بشكل عكسي؟
قد تفقد عملية التفكير الذهنية بعض القدرات في ادارة الافكار او تنظيمها وهذا يتم في حال ان الفرد ينمذج كل المواقف السلبية ويضخمها بتسليط الضوء عليها فقط بحيث ان عملية التفكير تصبح متحورة في دائرة واحدة فقط.
وبهذه الطريقة يصب الفرد تفكيره على كل ما هو سلبي حصل له في الماضي ويتحدث عنه باستمرار ويطلق الاحكام على هذه المواقف حيث انه يبدي استياءه بشكل غير منقطع وليس هذا فحسب بل يصنع من مواقفه السلبية أسباباً لإخفاقاته في عدم قدرته على تقدير ذاته وضغوطاته النفسية وصدماته السابقة والحديث عنها بشكل مؤلم لذاته ولذهنه.
ومما لا شك فيه ان الاجترار الصحي هو دافع قوي لاستمرارية الحياة الذهنية الصحية حيث ان الاجترار السليم يقود الفرد الى تحقيق المستحيلات من خلال تركيزه على نجاحاته وابداعاته واخذ الطاقة الكافية واللازمة للمواصلة وهذه العملية ما ان تصبح عكسية تسبب ضمور الانتاج لدى الفرد وتقليص انجازته.
وقد يتحتم علينا اذا ادركنا اننا في حالة اجترار سلبي قمعه بشدة وذلك من خلال تدمير هذه المواقف السلبيهة والمؤلمة وتغيير نظام التفكير والتحكم الداخلي الذاتي وتعزيز الافكار الايجابية والامتنان لكل ما هو جيد وتغيير الاهداف التي لم تحقق ووضع خطط جديدة والعمل على تحقيقها، فهذا يضمن لنا الالهاء المناسب لحالة الاجترار السلبي.
fatimah_nahar@