متابعات

الجزري.. مبتكر المضخات وآلات رفع المياه

عبد الله صقر – مركز المعلومات

إبّان العصور الوسطى والتي أسماها الأوروبيون بالعصور المظلمة فإنها حقيقة كانت مظلمة في أوروبا فقط، أما في العالم العربي والإسلامي فوتيرة التقدم العلمي لم تتوقف ولم تتباطأ البتة، نظراً لاستمرار المسلمون والعرب في المضي قدماً في مسيرتهم العلمية.

وبالعودة الى الفترة التي عاش فيها الجزري .. حيث كانت الشمس قد غابت في أوروبا في تلك الفترة، فإنها كانت مشرقة في العالم العربي والإسلامي والذي كانت بغداد عاصمة حضارته.

وقد استغرق الامر من الأوروبيين قرنين من الزمان لكي يتلقفوا اختراعات الجزري، ويبنوا عليها حتى توصلوا إلى اختراع المحرك. وبدأ عصر القطارات البخارية، التي كانت العمود الفقري لعصر النهضة والثورة الصناعية الأوروبية في القرون الوسطى.

عاصر الجزري بدايات القرن الثالث عشر الميلادي حيث كانت الحضارة الإسلامية تنهل من علوم من سبقوهم من حضارات ما بين النهرين والحضارات القديمة ووادي النيل والهندية.

استفاد من أفكار من سبقوه، وأضاف لها إضافات جعلت تلك الأفكار مهيأة لتنتقل إلى الصورة الحديثة، وكانت الإنجازات الميكانيكية من لدن العلماء المسلمين على قدم وساق والتي كانت تنفذ بأيدي الصناع المبدعين.

كان الجزري يمثل التيار الرئيسي للمهارات الميكانيكية الدقيقة و التي إزدهرت في الأجيال اللاحقة في ورشات صانعي الساعات وصانعي الأجهزة العلمية، تلك التكنولوجيا التي كانت وراء الثورتين العلمية والصناعية. حيث ما زالت لمساته في وضعه لساعات لا تزال قائمة ومضخات لا تزال تعمل إلى وقت قريب.

إن إبداع الجزري أضاف إلى ما كان معروفاً واخترع الكثير من الآلات والوسائل الميكانيكية والهيدروليكية التي ظهر أثرها في التصميم الميكانيكي للمحرك البخاري ومحرك الاحتراق الداخلي والتحكم الآلي والتي لا تزال آثارها ظاهرة إلى الآن.
الجزري وتطوير الأجهزة المائية

يرجع أسباب اهتمام الجزري بتطوير الأجهزة المائية الى أن الفترة التي عاشها الجزري كانت فترة استقرار ورخاء عاشه المجتمع.
ناهيك عن التطور الزراعي والحاجة إلى مياه الري. والى دعم ولاة الامر له في تأمين مياه الشرب إلى المنازل في المناطق السكنية. والتطور الاقتصادي وحاجة المشاريع الزراعية لمياه الري وخصوصاً أن الجزري عاش في منطقة ديار بكر على ضفاف نهر دجلة.

استخدم الجزري الماء المتدفق وسيلةً لتشغيل آلاته واختراعاته كما وظّف اسمى اختراعاته ونظريته “إن الحركة الدائرية يمكنها أن تولّد قوة دافعة إلى الأمام”. في بناء مضخات مياه دافعة وساحبة، تمتعت بتقنية الحركة الذاتية من دون قوة دفع بشرية أو حيوانية، كما استخدمها في صناعة تحف ميكانيكية الحركة غالبا على شكل طاووس.


عند الاطلاع على مخطوطات الجزري وتفهم إبداعاته نرى ما قدمه للحضارة العالمية من تصميمات كان لها اثر كبير على تطور التكنلوجيا التي يتمتع بها عالمنا المعاصر كتصميمه مضخة كابسة استعمل فيها لأول مرة صمامات عدم الرجوع التي لا غنى عنها اليوم وتصميماته لآلات تستعمل القوة الكامنة في سقوط الماء.

آلات رفع المياه
اخترع الجزري خمس آلات لرفع المياه، وكذلك طواحين مائية وعجلات مائية مع حدبات على محورها تستخدم لتشغيل الآلة. كان آلات رفع المياه هذه تحتوي على أهم الأفكار والمكونات.

مضخات سلسلة الساقية
كان أول استخدام معروف لآلية الموفق داخل مضخة توجد في إحدى ماكينات الساقية التي صنعها الجزري. إن مفهوم تقليل العمل المتقطع تضمنت أولاً في إحدى مضخات الساقية، والتي كانت تهدف إلى زيادة كفاءة مضخة سلسلة الساقية. كما أنشأ الجزري مضخة سلسلة الساقية لجمع المياه التي تُدار بالطاقة الكهرومائية بدلاً من العمل اليدوي. زُودت آلات الساقية -مثل تلك التي وصفها- بالمياه في دمشق منذ القرن الثالث عشر وحتى العصر الحديث، وكانت تستخدم بشكل يومي في جميع أنحاء العالم الإسلامي في العصور الوسطى.

مضخة شفط مزدوجة العمل
استشهاداً بالسيفون البيزنطي المستخدم في تصريف النار اليونانية كمصدر إلهام، مضى الجزري لوصف أنابيب الشفط الأولى ومضخة الشفط والمضخة مزدوجة الفعل، واستخدم الطرق القديمة للصمامات وآلية ربط العمود المرفقي عندما اخترع مضخة شفط مكبس مزدوجة الترددية. شُغلت هذه المضخة بواسطة عجلة مائية والتي تعمل من خلال نظام التروس على فتحه قضيب التذبذب الذي تعلق عليه قضبان مكابس. تعمل المكابس في أسطوانات معاكسة أفقياً، وتُزود كل منها بأنابيب الشفط التي تديرها الصمامات، كما تُوصل أنابيب التوصيل فوق مركز الماكينة لتشكيل مخرج واحد في نظام الري. كان لآلة رفع المياه هذه أهمية مباشرة لتطوير الهندسة الحديثة.


تعد المضخة رائعة كونها أول استخدام معروف لأنبوب الشفط الحقيقي (الذي يمتص السوائل في فراغ جزئي) في المضخة. كما تعد أول تطبيق لمبدأ التمثيل المزدوج. كما تقوم بتحويل الحركة الدوارة إلى حركة ترددية.

يمكن لمضخة مكبس شفط الجزري رفع 13,6 متر من الماء بمساعدة أنابيب التوصيل. كان هذا أكثر تطوراً من مضخات الشفط التي ظهرت في أوروبا في القرن الخامس عشر، والتي كانت تفتقر إلى أنابيب التوصيل.

شبكة توزيع المياه
طور الجزري أول نظام لإمداد المياه ليُدار بواسطة التروس والطاقة الكهرومائية، والذي بُني في دمشق في القرن الثالث عشر لتزويد المساجد والمستشفيات بالمياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *