متابعات

الأمراض النادرة .. «لغز» يحير الأطباء و«يرعب» المرضى

البلاد- خاص

“المرض النادر” ليس اسماً يتعلق بندرة الإصابة بمرض ما، لكن العنصر الذي يكاد يجتمع الأطباء حوله هو “غموض” الأسباب الحقيقية وراء الأمراض النادرة، ولماذا يصاب بها أشخاص بعينهم دون الآخرين، وهل العوامل الوراثية هي السبب الرئيس في الإصابة بهذه الأمراض فقط، أم أن هناك عوامل أخرى، ولماذا الأطفال هم الأكثر إصابة بالأمراض النادرة؟. هذا التساؤلات التي ما زالت إجاباتها تمثل “لغزاً” لدى الأطباء، هي نفسها الأسباب التي قد تسبب “رعباً” لدى المرضى وذويهم، فالإصابة بمرض لا تعرف له علاجاً أو نادراً، يمثل عبئاً نفسياً هائلاً، ويطلب دعماً كبيراً لاستيعاب المرض وكيفية التعامل معه. ووفقاً للهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية، فإن المرض يعد “نادراً” إذا أصاب واحداً من كل 2000 شخص من السكان، فكثير من هذه الأمراض النادرة أمراض وراثية وتظهر منذ الولادة، وبالرغم من ذلك بعض الأمراض الوراثية لا تظهر إلا في وقت متأخر.
وهذه الأمراض مجتمعة تشكل عبئاً ثقيلاً وتؤثر في المجتمعات بشكل كبير وواضح؛ لذلك فإن الأمراض النادرة هي من شؤون الصحة العامة.
والمرض النادر يشار إليه أيضاً باسم “المرض اليتيم” وهو أي مرض يصيب نسبة صغيرة من السكان، ومعظم الأمراض النادرة وراثية، وبالتالي فهي تبقى مع الإنسان طوال حياته حتى إذا لم تظهر الأعراض بشكل سريع.


اليوم العالمي
وتم تحديد 28 فبراير من كل عام كيوم عالمي للأمراض النادرة، من أجل تسليط الضوء على حالة مختلف الناس الذين يعانون بشكل مباشر أو غير مباشر من تبعات هذه الأمراض، ولزيادة الوعي بالأمراض النادرة وتحسين إمكانية الحصول على العلاج والتمثيل الطبي للأفراد الذين يعانون من أمراض نادرة.
وأنشأت المنظمة الأوروبية للأمراض النادرة (EURORDIS) هذا اليوم في عام 2008م لزيادة الوعي بالأمراض غير المعروفة أو الأمراض التي تم التغاضي عنها.
وبحسب تلك المنظمة، فإن علاج العديد من الأمراض النادرة غير كاف، وكذلك الدور الذي تقوم به الشبكات الاجتماعية لدعم المصابين بالأمراض النادرة وأفراد أسرهم؛ علاوة على ذلك، بينما كان هناك بالفعل العديد من الأيام المخصصة لمرضى أمراض مثل (الإيدز والسرطان وما إلى ذلك)، لم يكن هناك في السابق يوم لتمثيل المصابين بالأمراض النادرة.
في عام 2009م ، أصبح يوم الأمراض النادرة يوما عَالَمِيًاً حيث حشدت المنظمة الوطنية للاضطرابات النادرة 200 منظمة مناصرة لمرضى الأمراض النادرة في الولايات المتحدة، بينما تقود المنظمات في الصين وأستراليا وتايوان وأمريكا اللاتينية أيضاً الجهود في بلدانهم لتنسيق الأنشطة وتعزيز الاحتفال بهذا اليوم.


ونُظم أول يومٍ للأمراض النادرة من قبل المنظمة الأوروبية للأمراض النادرة وقد عقد في 29 فبراير 2008 في العديد من الدول الأوروبية وفي كندا من خلال المنظمة الكندية للأمراض النادرة (CORD).
وتم اختيار هذا التاريخ لأن 29 فبراير هو «يوم نادر» وكان عام 2008م الذكرى السنوية الخامسة والعشرون لإقرار قانون المخدرات اليتيمة (بالإنجليزية: Orphan Drug Act of 1983)‏ في الولايات المتحدة.
خصائص الأمراض النادرة:
والأمراض النادرة غالباً ما تكون مزمنة وتتطور ويزداد المرض مع مرور الوقت وتحدث للمريض انتكاسات صحية متكررة، حيث تعطل الأمراض النادرة حياة المرضى في كثير من الأحيان جراء نقص أو فقدان الاستقلالية، وتسبب الأمراض النادرة الألم والمعاناة للمريض وعائلته، خاصة وأنه لا يوجد للأمراض النادرة علاج فعال.
وحسب منظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من سبعة آلاف نوع من هذه الأمراض، وأغلبها تتسم بصعوبة تشخيصها ومتابعتها، ولم يتوصل الباحثون حتى الآن إلى علاج لها.
ووفقاً للهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية فإن 75 % من الأمراض النادرة يصيب الأطفال، و30 % من المرضى بمرض نادر يموتون قبل سن الـخامسة، و80 % من الأمراض النادرة أسبابها وراثية.
وكما أشارت مجموعة “مايو كلينك” الأميركية الطبية فإن أكثر من 80 % من الأمراض النادرة تسببها تغيرات جينية يمكن أن تحدث في أي سن.


أمثلة للأمراض النادرة:
هناك أنواع كثيرة من الأمراض النادرة تشمل الأمراض النفسية، أمراض القلب والأوعية الدموية، أمراض الكروموسومات، الأمراض الجلدية، العدوى، الغدد الصماء، أمراض الجهاز البولي، أمراض العظام، بعض الأمراض النادرة كالهيموفليا والالبينو لها أسماء معروفة للعامة، والأمراض الأخرى تحمل اسم الطبيب المكتشف لها أو حتى تنسب لأول مريض أو أول مستشفى تم اكتشاف المرض به وعلى سبيل المثال متلازمة “مرفأ هاربور”.
كثير من الأمراض النادرة ليس لها علاج شافٍ. وكثير منها لم يتم حتى دراسته بأبحاث طبية حتى الآن، وفي كثير من الأحيان يعاني الأشخاص المصابون بمرض نادر عدم توافر الرعاية الصحية اللازمة والمناسبة لإيجاد حلول لمشكلاتهم الصحية كعدم القدرة على التشخيص الدقيق أو عدم توافر أدوية مناسبة لعلاج الحالات المرضية في المؤسسات الصحية.

المشكلات الصحية
هناك العديد من المشكلات التي يتعرض لها المرضى بداية من صعوبة الوصول إلى تشخيص دقيق وصحيح للحالة، وتأخر تشخيص الحالات المصابة بالأمراض النادرة، ونقص وصعوبة الحصول على المعلومات الطبية والعلمية الخاصة بالأمراض النادرة، وصولا إلى محدودية الخيارات العلاجية المتوافرة حالياً لعلاج هذه الأمراض، وصعوبة الحصول على طبيب أو مركز علاجي ذي خبرة في علاج الأمراض النادرة على وجه الخصوص، فضلاً عن تكلفة العلاج الباهظة مقارنة مع تكاليف علاج الأمراض الشائعة.


الجهود الحكومية والأهلية في مساعدة المرضى بالمملكة
لجأت العديد من الدول والمنظمات لإنشاء جمعيات وهيئات لدعم هؤلاء المرضى وذويهم سواء، في البحث عن العلاج وتكلفة ومساعدة المرضى وذويهم نفسيا واجتماعيا، فضلا عن توعية المجتمع بخطورة هذا الأمراض وكيفية التعامل معها.
وفعلت وزارة الصحة ممثلةً في “الإدارة العامة للرعاية الصيدلية” اليوم، العديد من الأنشطة والبرامج التوعوية والتثقيفية بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة، وذلك في مختلف مستشفيات مناطق المملكة والتجمعات الصحية.
وتأتي هذه المبادرة تواصلاً لاهتمام الوزارة بهذه الفئة من المرضى ودعمهم وتذليل جميع الصعوبات أمامهم لتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهم.
وتشمل هذه الأنشطة محاضرات افتراضية للصيادلة داخل المستشفيات للحديث عن الأمراض النادرة وكيفية الإصابة بها وطرق علاجها.
ومع الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات في المملكة للتعامل مع هذه الأمراض فإن بعض الجهود الأهلية تساهم في هذه الحالات مثل “رابطة الأمراض النادرة في السعودية” والتي تهدف لدعم الأشخاص الذين يعانون من الأمراض لنادرة وأسرهم.

دعم المريض
من الممكن أن يكون مسار البحث عن تشخيص لمرض نادر طويلاً ومحفوفاً بالتحديات النفسية ومن بين المقترحات التي توصي الهيئات والجهات الدولية للتعامل مع الأمراض النادرة لاحتواء آثارها على المريض وذويه: تطوير سياسات ملائمة للصحة العامة، وزيادة التعاون الدولي في مجال البحث العلمي، اكتساب وتقاسم المعارف العلمية عن جميع الأمراض النادرة، وليس فقط الأكثر انتشاراً، تطوير الإجراءات التشخيصية والعلاجية الجديدة، رفع مستوى الوعي العام بالأمراض النادرة، وتيسير التواصل بين مجموعات المرضى لتبادل الخبرات والممارسات الفعالة، ودعم المرضى الأكثر عزلة وأولياء أمورهم لتوفير مجتمعات جديدة للمريض، وتوفير المعلومات للجودة الشاملة للمجتمع حول المرض النادر، سن تشريعات لصالح الأمراض النادرة مثل دعم البحوث الطبية وتوفير الدعم المادي للمريض وأسرته، تقديم حوافز للشركات لتطوير علاجات للأمراض النادرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *