يقول رجل الأعمال كيفين أوليري- الذي تبلغ ثروته 400 مليون دولار: إنه يرفض توظيف الأشخاص المدمنين للعمل؛ بل يفضل تعيين الأفراد الذين لديهم اهتمامات وهوايات مختلفة، بالإضافة إلى مهاراتهم العملية. وعندما سئل لماذا؟ أجاب: “إنها مهمة للغاية؛ لأنها تعكس التوازن الذي يعيشه الشخص في حياته”.
أوليري حقق نجاحات كثيرة في حياته، ومع ذلك، فهو غير منبهر بصفة الإدمان للعمل،ـ عندما يقابل مرشحين في مقابلة وظيفية. بالعكس فإنه يبحث عن الموظف الذين يطوّر مهاراته الاحترافية، بالإضافة إلى تخصيص وقت أيضاً
لاهتمامات أخرى؛ مثل العزف على آلة موسيقية، أو ممارسة الرياضة، أو الانغماس في هوايات مختلفة.
وهذا لا يعني بالضرورة- من وجهة نظره- أنهم ليسوا موظفين مجتهدين، بل يدل على حرصهم على تحقيق أهداف مختلفة، وعلى قدرتهم على الموازنة بين العمل والحياة الشخصية.
نرى أن كثيراً من الشركات والمؤسسات قد بدأت تكلف موظفيها بالعمل خارج ساعات الدوام الرسمية، وبدون مقابل.
وقد كشفت دراسات أن الإفراط في العمل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة الأمراض؛ مثل أمراض القلب والسرطان واضطرابات النوم والقلق النفسي والاكتئاب.
في كتابها الشهير” أهم خمسة أشياء يندم عليها المرء عند الموت” تروي الممرضة “بروني وير” قصصاً لــ 2000 شخص وهم على فراش الموت، وتنقل للقارئ الأمور التي ندموا عليها في حياتهم، فالإجابة التي تصدرت المركز الأول كانت” عدم قضاء الوقت الكافي مع العائلة والأصدقاء”. والإجابة التي حلت في المرتبة الرابعة كانت “الإفراط في العمل”.
الدكتور كاي فو لي أحد رواد الذكاء الاصطناعي حقق نجاحاً باهراً في مجاله، وقد تولى مناصب قيادية في أشهر الشركات التقنية؛ مثل أبل ومايكروسوفت وجوجل.
طوال حياته كان مهووساً بتحقيق النتائج، ما أدى إلى اقترافه عادات سيئة في الأكل والنوم والتعرض للضغط النفسي، حتى إنه أصيب بسرطان في مرحلة متقدمة، فأعاد النظر مرة أخرى في أهدافه وأولوياته، فرغم نجاحاته في مجاله العلمي، إلا أنه اعترف بأنه أهمل جوانب أخرى؛ أهمها قضاء الوقت مع أسرته.
شخصياً أرى أن العمل وسيلة مهمة للمساهمة في العمل الخيري بالمجتمع وتغيير العالم للأفضل. في الوقت نفسه، يجب أن ندرك ضرورة تطوير جوانب أخرى لدى الإنسان؛ من مهارات شخصية وتنمية القدرات الإبداعية خصوصاً في وقت نسعى لتحقيق أحد الأهداف الرئيسة في رؤية 2030، ألا وهي” جودة الحياة”.
إن برنامج”جودة الحياة” يساهم في بناء البيئة اللازمة، التي تعزز من أنماط الحياة الإيجابية وتحفز أفراد المجتمع على توسيع المدارك في مجالات عديدة. في حين نرى ابتكار برامج متنوعة في الترفيه والثقافة والفنون والرياضة، إضافة إلى (قطاع الهوايات).
إن هذه الجوانب في حياة الإنسان تقود إلى إنتاجية أكثر في العمل. فبإمكان الشخص أن يكون لديه تعدد في الاهتمامات؛ مثل إجادة لغة أجنبية وممارسة رياضات مختلفة، والإبداع الفني، أو الانضمام إلى أندية القراءة.. إلخ. ولا شك أن ذلك سيعكس توازناً أفضل وتنوعاً أشمل في شخصية الإنسان.
layanzd@