قبل سنوات طويلة شاهدت فيلماً سينمائياً مثيراً بعنوان «رجل المطر Rain Man» بطولة الممثل داستن هوفمان.
الفيلم يسلط الضوء على مرضى التوحد ومعاناتهم وذويهم مع المرض.. إلا أن الفيلم يأخذك إلى عالم القدرات الخارقة لأولئك الأشخاص المصابين بهذا المرض.
كانت إمكانات ذلك البطل التوحدي.. هو قدرات دماغه في حفظ المعلومات وتخزينها بالتفاصيل الدقيقة لحظة رؤيته لها للوهلة الأولى، ويستطيع أن يسترجعها خلال ثوان معدودات، واستطاع أخوه أن يوظف تلك القدرات على طاولات القمار في كازينوهات لاس فيجاس، حيث حقق من ورائها ملايين الدولارات.
إنني أزعم أنه يمكننا اليوم أن نوظف ذلك الدماغ برسم الإيجار، لمن يرغب من الشركات في حفظ المعلومات الضخمة وإعادة استرجاعها عند الحاجة.
ومنذ ذلك الوقت تركز اهتمامي على دراسة الدماغ البشري وقدراته وتخصصاته وأفضلياته والأمراض المتعلقة به، والتي يمكن أن تكون ذات فائدة عظيمة في تطبيقات الأعمال والتكنولوجيا، وهذا ما أثبتته وقائع التطور وصناعاته الحديثة،
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبقوة هو، هل نحن نوظف أناساً وأجساداً ومهارات؟ أم أننا نستأجر عقولا وأدمغة؟
إنني أرجح الإجابة الثانية للسؤال، نعم نحن نستأجر أفضل الأدمغة لأداء أعمالنا، وخصوصا في عصر الإنترنت والبرمجة الذكية واللوغاريتمية وصناعات التقنية المتنقلة وأساليب العمل والتعلم الافتراضي الخ.
لذلك يجب على قادة المنظمات وإدارة القوى العاملة أن يدركوا أن وظيفتهم الأولى هي استئجار الأدمغة والعقول، وليس التوظيف البشري للقوى العاملة بمفهومها الحالي، حيث أن قطاعات الأعمال تحتاج إلى أدمغة تصمم التعلم العميق ومعالجة الصور الصناعية والسحب المعلوماتية ومتابعة الأحداث والتنبؤات والحوسبة العلمية الخ..
وأخيراً، يعتبر مفهوم «استئجار الأدمغة» اليوم ثورة فكرية في المنظمات، حيث يعتمد على القدرات العقلية الكامنة لدى البشر، وليس على المهارات التقليدية.