المحليات

الملك المؤسس أول من عمّر الحرمين الشريفين في العصر الحديث

عبدالله صقر – مركز المعلومات

قبل تأسيس الدولة السعودية كانت رحلة الحج محفوفة بالمهالك، فقد انتشرت عصابات قطع الطرق على الحجاج، وكان الحجاج لا يمشون إلا في جماعة لسوء أحوال الأمن واضطرابه.

«لو لم يكن من مآثر الحكم السعودي سوى هذه الأمنة الشاملة الوارفة الظلال على الأرواح والأموال التي جعلت صحاري الحجاز وفيافي نجد، آمن من شوارع الحواضر الأوروبية، لكان ذلك كافياً في استجلاب القلوب واستنطاق الألسن في الثناء عليه».

بهذه الكلمات يصف شكيب أرسلان أمير البيان الذي حج في عام 1348هـ، إنه ما أن تأسست الدولة السعودية ودخل الملك عبدالعزيز “رحمه الله “ مكة المكرمة، كان همه الأو

ل بسط الأمن وتأمين طرق الحجاج، حتى عم الأمن والأمان ربوع المملكة لا سيما منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
منذ الوهلة الأولى التي دخل بها الملك عبدالعزيز بيت الله الحرام عام 1343هـ كان عليه الاشراف على الحج وكان التحدي الكبير الذي يواجهه هو الدعاية المغرضة التي انتشرت بتعذر الحج جراء الحروب والسلب والنهب وقطع الطريق وانعدام الامن في الحجاز .. فأصدر الملك عبدالعزيز يرحمه الله بياناً في فبراير 1925م إلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بل ولغير المسلمين ونشر في جريدة ام القرى الرسمية وفي صحف العالم الاسلامي تضمن التأكيد على حماية الحجاج والتكفل بتأمين راحتهم وجميع حقوقهم بقوله

“إننا نرحب ونبتهج بقدوم وفود حجاج بيت الله الحرام من المسلمين كافة في موسم هذا العام 1343هـ”، ونتكفل بتأمين راحتهم، والمحافظة على جميع حقوقهم، وتسهيل أمر سفرهم إلى مكة المكرمة من أحد الموانئ التي ينزلون إليها، وهي: “رابغ – الليث – القنفذة”، وقد أُحكم فيها النظام، واستتب الأمن استتباباً، فقد دخلتها جيوشنا، وسنتخذ التدابير في هذه المراكز وجميع الوسائل التي تكفل تأمين وراحة الحجاج إن شاء الله تعالى”.

إلغاء رسوم الحج
عقب استتاب الامن للملك المؤسس بدأ في سن الأنظمة وتنظيم أمور الدولة، فكانت أولىى خطواته العمل على وضع تنظيمات خاصة لحجاج بيت الله الحرام، وزوار المسجد النبوي توفر لهم الأمن وتضمن لهم أداء فرائضهم بيسر وسهولة. فكانت الخطوة الأولى متمثلة في الإبقاء على مهن خدمات الحجاج والمتمثلة في المطوفين والزمازمة والوكلاء والادلاء، كما أصدر الملك عبدالعزيز أمراً بإلغاء رسوم الحج والتي كانت مفروضة على الحجاج وذلك لتيسير الحج على المسلمين. في شهر رمضان سنة 1371هـ. وقد كان لهذا القرار صدى في جميع بلدان العالم الإسلامي له بالغ الأثر.

أول مدينة وأول رصيف بحري للحجاج
نظراً لتدفّق الحجاج عبر البحر بأعداد كبيرة، أصدر الملك المؤسس أمره لإدارة العين العزيزية بإنشاء أول مدينة لحجاج البحر تكون نزلاً لهم ونواة أولية لمدينة كبرى لهم في جدة عام 1950م، وقد شيدت فيها مباني من دور واحد مسقوف بألواح «الإسبستوس» مع تزويده بالمرافق الضرورية.
وقد أُنشئت بالقرب من ميناء جدة الإسلامي. ولم يسبق لأي حكومة في الحجاز أن قامت بمثل هذا العمل. كما أنشأ الملك المؤسس أول رصيف بحري أمام مبنى البنط ترسو عنده المراكب بعد أن زار البنط، ووجد أن المنطقة التي ينزل بها الحجاج من المراكب ترابية وسبخة قبل دخولهم إلى البنط، فأمر بإنشاء الرصيف الذي يعد أول رصيف بحري بجدة، حيث أزيل الرصيف بعد التمدد العمراني ونقل الميناء إلى موقعه الحالي.

عمارة الكعبة المشرفة
شرع الملك المؤسس بترميم المسجد الحرام ترميماً كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وترخيم المسجد الحرام وتجديد الألوان، وكان ذلك في سنة 1344هـ، كما أمر بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام ورحباته في سنة 1370هـ، ووضع السرادقات في صحن المسجد لتقي المصلين حرّ الشمس سنة 1345هـ، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، و(شاذروان) الكعبة المشرفة سنة 1346هـ.
كما أمر الملك المؤسس بنصب سرادقات بصحن المطاف، وعمل مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبّتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، وبقيت سنوات عديدة وتُجدّدُ باستمرار.
وفي عام 1346هـ أمر بإنشاء أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، فكانت أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة منذ تاريخ كسوة الكعبة، ووفرت الحكومة السعودية الإمكانيات اللازمة لصناعة الكسوة من الحرير الأسود وتوفير الفنيين اللازمين للعمل في شتى المراحل، كما امر بتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يُبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ، كما أمر بإنشاء إدارة الأمن، وجعل مقرها الرئيس بمكة المكرمة تعزيزاً للأمن وتعظيماً للبلد الحرام.
كما وجَّه بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، فصار المسعى في غاية الاستقامة وحسن المنظر، وأمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم، وأمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة.
وفي عام 1354هـ أمر بإزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، كما أمر في عام 1366هـ بتجديد سقف المسعي، وكانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه، وأمر بعمل باب جديد للكعبة مُغطىً بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نُقِشَت بأحرف من الذهب الخالص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *