د. نايف السنيد الشراري
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – أمره الملكي الكريم رقم (أ/ 371)، وتاريخ 24/ 6/ 1443هـ بتحديد يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، هو (يوم التأسيس) اعتزازاً بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة.
إن تأسيس الدولة السعودية الأولى في منتصف عام 1139ه/1727م أعطى للمملكة العربية السعودية عمقاً تاريخياً وفق ما تضمنته رؤية المملكة ٢٠٣٠م التي دعت إلى إبراز العمق التاريخي والإرث الحضاري للمملكة.
ونحن المتخصصون بالتاريخ السعودي نعلم أن المملكة العربية السعودية هي ثمرة تلك الجهود التي بذلها الإمام محمد بن سعود – رحمه الله – قبل ثلاثة قرون، عندما أسس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، التي نشرت الأمن وفرضت النظام وحققت الوحدة، بعد قرون من الفوضى والتشتت والفرقة.
إن مدينة الدرعية التي أسسها جد أسرة آل سعود الأمير مانع المريدي سنة ٨٥٠هـ/١٤٤٦م عقب انهيار الخلافة الإسلامية على يد المغول، وانقسام الإمبراطورية الإسلامية إلى ممالك عدة، نواة حلم لبناء كيان سياسي في أرض الجزيرة العربية لدى أبنائها، ذلك الحلم الذي كان يراود الأمير مانع المريدي وأبنائه من بعده، فتكوّن لديهم رصيد من الخبرات السياسية والإدارية المتراكمة خلال تلك الفترة الطويلة التي امتدت حتى تولى الإمام محمد بن سعود الحكم سنة 1139ه/1727م، والذي استطاع ترجمة هذه الخبرات والتجارب ليحقق الحلم ويضع الأسس والمقومات للدولة السعودية الأولى، التي تعد أول كيان سياسي يعيد للجزيرة العربية وحدتها التي افتقدتها بعد خروج العاصمة الإسلامية عنها في القرن الأول الهجري.
وكانت ثمرتها ما رأيناه بعد ذلك، عندما دخل الإمام تركي بن عبدالله مدينة الرياض وأجلى الحاميات التركية عن منطقة نجد فدخلت جميع البلدان في حكمه وقامت الدولة السعودية الثانية.
والأمر نفسه خلال المسيرة التوحيدية للملك عبدالعزيز رحمه الله، الذي اكتمل دخول نجد في حكمه خلال الثلاث سنوات الأولى منذ دخوله الرياض عام ١٣١٩هـ /١٩٠٢م، واستطاع توحيد البلاد باسم (المملكة العربية السعودية).
كل ذلك كان من ثمار جهود أئمة الدولة السعودية الذين أسسوا هذا الكيان القوي، الذي استند عليه الملك عبدالعزيز في مسيرته السياسية فكان رحمه الله يعي هذا العمق التاريخي، وأن ما يقوم به اليوم هو ثمرة ما تم تأسيسه بالأمس، ما يدل على وعيه العميق للجذور التاريخية للدولة التي كان يؤسس لها، وهو من أسرار نجاحه رحمه الله خلال مرحلة بنائه للمملكة العربية السعودية.
فرحم الله مؤسس الدولة السعودية الإمام محمد بن سعود وأبنائه، ورحم الله موحد المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده ، وأمدّ في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
**جامعة الجوف