تقرير جديد لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) يوضح أن الجوع في العالم العربي مستمر في الارتفاع، داعياً إلى تغييرات جذرية في أنظمة الأغذية الزراعية في المنطقة العربية لتوفير الأمن الغذائي والتغذية للجميع. وعلى مستوى العالم فهنالك نحو مليار إنسان يقاسون من الجوع بينما يجري سنوياً إهدار ما يقارب ثلث مجموع الأغذية المنتجة عالمياً “أكثر من مليار طن” إما بفسادها أو رميها بمكب النفايات.
إن الحروب والنزاعات بين الدول المنتجة للغذاء لها تداعيات خطيرة على الإنتاج الزراعي وتوفر الغذاء، وقد تلجأ بعض هذه الدول لاتخاذ الغذاء سلاحاً في حروبها، وليس ببعيد آثار الحرب الروسية الأوكرانية بين دولتين زراعيتين كبيرتين لإنتاج القمح في العالم، كما أن التغيرات المناخية وشح الأمطار وتعطل سلاسل التوريد كلها عوامل أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء بل خلق أزمة في توفره.
إن رؤية 2030 في إطار أهدافها الطموحة تركز على بناء قطاع زراعي مستدام وغيرها من أهداف في هذا الجانب، وتولي المملكة قضايا الأمن الغذائي صدارة أولوياتها وتعمل على تحقيق الاستراتيجية الوطنية للزراعة واستراتيجية الأمن الغذائي، وتجيئ موافقة مجلس الوزراء مؤخراً على تحويل المؤسسة العامة للحبوب إلى الهيئة العامة للأمن الغذائي خطوة لتطوير القطاع، فضلاً عن الجهود العملية لتوفير الغذاء وتطوير قطاعه. ولم تقف المملكة على خططها الرامية لتحقيق الأمن الغذائي على الصعيد المحلي، لكنها انتقلت بمشاريعها الاستثمارية الزراعية خارجياً إلى الدول المنتجة للغذاء وتمكنت من توفير مخزون استراتيجي من السلع الرئيسية مثل القمح والأرز والشعير والذرة وغيرها.
وإزاء كل تلك الجهود التي أدت لأن تكون المملكة الأقل تأثيراً من الدول الأخرى من أزمة الغذاء، إلا أنه ينبغي على المواطن المحافظة على النعم وعدم هدرها كما أمرنا ديننا الحنيف حيث يدخل ذلك في شكر النعم الذي يعمل على دوامها. وللأسف فقد فاق الهدر الغذائي بالمملكة مبلغ 40 مليار ريال سنوياً، فهنالك كميات كبيرة من الغذاء تهدر خلال ولائم الأفراح والأتراح والمناسبات الاجتماعية جراء قلة الوعي والتخطيط الاستهلاكي الخاطيء وعادات التسوق السيئة، وكلها سلوكيات تسبب شرخاً في منظومة الأمن الغذائي.
وإذا كان المجتمع مجبولاً على الكرم، فإنه ليس من الكرم في شيء هدر الغذاء والاستهلاك غير المرشد وحمى التسوق في كل شيء وإن لم يكن ضرورياً، وينبغي التوعية بأهميه الاقتصاد في الغذاء وتربية الأبناء على ذلك ونشر ثقافه عدم الهدر في المجتمع، مع أهمية ترشيد الاستهلاك وأن تكون كميات الغذاء حسب الحاجة إليها، والتعاون مع المؤسسات الأهلية المختصة في هذا الجانب بغية الاستفادة من فائض الغذاء وإيصاله لمن هم في أشد الحاجة إليه بدلاً من إلقائه في حاويات القمامة.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@