متابعات

توطين صناعة الدواء.. خطوة لتحول المملكة لمركز إقليمي

 البلاد- خاص

لم تكن الخطوة التي اتخذتها المملكة قبل 37 عاماً بتأسيس الشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية “سبيماكو الدوائية” في يناير من عام 1986م، سوى خطوة في مسيرة تعمل على النهوض بصناعة الدواء بوصفها أحد معطيات الأمن القومي من جهة، ولتمكين المملكة من تبوء مكانها الطبيعي كقوة صناعية ومنصة لوجستية للقاحات والأدوية من جهة أخرى. فقطاع الصناعة الدوائية يعتبر أحد ركائز “رؤية 2030” لدعم المحتوى المحلي، حيث يصل معدل النمو السنوي الإجمالي لسوق الأدوية في المملكة نحو 5 % أي ما يقابل 31 مليار ريال سعودي، وبحجم صادرات لـ34 دولة تتجاوز الـ1.5 مليار ريال. وفي إطار التوسع في الصناعات الدوائية فقد افتتحت العديد من المصانع الدوائية سعياً من وزرة الصناعة والثروة المعدنية الى التوسع في الصناعات الدوائية، حيث بلغ عدد المصانع الدوائية المسجلة في المملكة أكثر من 40 مصنعاً، تغطي ما نسبته 36 % من احتياج السوق المحلي. هناك توجهاً من هيئة المشتريات الحكومية لدعم المنتج المحلي، بحيث يصل الى 40 % من المشتريات في السوق المحلية، وذلك بإلزام القطاع الخاص والعام بشراء الأدوية المنتجة محلياً، وتم تخصيص قائمة إلزامية للمنتجات الوطنية والتي من شأنها دعم الأمن الدوائي في المملكة، وتعزيز توفر الدواء على المدى القصير والبعيد، كما تساهم في دعم الصناعة الدوائية وتطويرها.

الأمن الدوائي للمملكة
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي رئيس لجنة صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية بندر بن إبراهيم الخريف سبق وأكد أن المملكة تراهن على تحقيق الأمن الدوائي وجعلها مركزاً للصناعات الدوائية بالمنطقة عبر استثمار بقيمة 3.4 مليار دولار في قطاع تصنيع اللقاحات والأدوية الحيوية. وأوضح الوزير أن القطاعات الدوائية المستهدفة بشكل عام، والتي تتجاوز قيمتها 5 مليارات دولار، ستمر في عدة مراحل بدءاً باللقاحات والأدوية الحيوية، حيث ستركز المرحلة الأولى على توطين تقنيات اللقاحات والبلازما والأنسولين، وستركز المرحلة الثانية على توطين تقنيات العلاجات المناعية والسرطانية، حيث يقدر حجم القطاع الحيوي بأكثر من ملياري دولار سنوياً يمثل منها الأنسولين ما يقارب 340 مليون دولار.

توطين الصناعات الدوائية
وأشار إلى أن توطين الصناعات الدوائية تُمثل أولوية قصوى لدى منظومة الصناعة، وذلك لأهميتها في تحقيق الصحة العامة والأمن الدوائي الوطني، مضيفاً أن المملكة تستهدف رفع نسبة توطين صناعة الأدوية من 25 % حالياً إلى 50 % بحلول عام 2030م. وبيّن أن حجم الاستثمار في القطاع الدوائي في المملكة يعدّ الأكبر في المنطقة، حيث يزيد عن 30 % من سوق الشرق الأوسط.


أشهر الشركات السعودية
واستطاعت شركات الدواء السعودية أن تحظى بسمعة قوية في سوق الدواء المحلي والإقليمي والدولي، حيث تتمتع المنتجات الدوائية السعودية بسمعة جيدة تنافس المنتجات الأوربية والآسيوية، كونها ذات جودة عالية مقارنة بالكثير من دول المنطقة، بالإضافة إلى قوة أنظمة التشريعات الدوائية والرقابية في المملكة والاحتياج الصحي الكبير والمتنامي للأدوية. فشركة “سبيماكو الدوائية” التي تعد أولى شركات الدواء في المملكة، والتي تأسست في يناير من عام 1986م لتكون نواةً لصناعة الدواء، يبلغ العدد الإجمالي لمنتجاتها حالياً 415 مستحضراً دوائياً.
وتصدر الشركة أكثر من 234 منتجاً للأسواق الخارجية في 14 دولة، كما بلغ إنتاج الشركة أكثر من 1,73 مليار وحدة علاجية في 36 خط إنتاج خلال عام 2020م، وينتج المصنع جميع الأشكال الصيدلانية: الأقراص، الحقن، الأشربة، التحاميل، المضادات، الشرابات الجافة، الكبسولات والمراهم.

كما تُعد الشركة السعودية لصناعات التكنولوجيا الطبية الحيوية “سعودي بايو” من الشركات التي تعمل على نقل وتوطين صناعة التكنولوجيا الطبية الحيوية، حيث بدأت بتأسيس مصنع لإنتاج الأنسولين في مصنع “سعودي بايو” الواقع بمدينة سدير للصناعة والأعمال في منطقة الرياض، وأدوية السرطان وأمراض الدم، إذ تمتلك الشركة أحدث التقنيات المتقدمة. وبدأت الشركة خططها لتوطين إنتاج الأنسولين بتوقيع اتفاقية مع رائدة صناعة الأنسولين في العالم شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية في عام 2018م، كما أنشأت الشركة برنامجاً للكفاءات السعودية، حيث تبلغ نسبة العاملين السعوديين في مصنع “سعودي بايو” التابع للشركة نحو 53 %. ومن أحدث المصانع التي افتتحت مؤخراً في المملكة هو مصنع شركة «فايزر» الجديد بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، باستثمارات تصل إلى 50 مليون دولار تقريباً، لتصنيع منتجات “فايزر” من الأدوية والمستحضرات الطبية محلياً والإسهام في نقل الخبرات والتقنيات العالمية المتطورة، ورفع مستوى كفاءات وخبرات العاملين في المملكة، وتقوم الشركة بتصنيع 16 نوعاً من الأدوية الرائدة.

تغطية الفجوة التقنية
ويؤكد الخبراء أن المملكة تملك مكامن القوى لتكون مطوراً أساسياً للقطاع الدوائي، حيث أن موقع المملكة الجغرافي المتميز بين القارات الثلاث، يمكن للمملكة أن تلعب دوراً أساسياً في الصناعات الدوائية البيولوجية لتغطية الفجوة التقنية في المنطقة، بحيث تؤدي أدوراً مشابهة لما تقدمه إيرلندا مع أمريكا الشمالية، وسنغافورة مع شرق آسيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *