البلاد- واس
انطلقت اليوم أولى الجلسات البحثية والتاريخية ضمن فعاليات مُلتقى ” نجران تاريخ وحضارة “، الذي تنظمه جمعية الآثار والتاريخ بنجران “جاتن”، بالتعاون مع جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون الخليجي، بمشاركة من جامعة نجران، وذلك بمركز الفعاليات والمؤتمرات على طريق الملك عبدالعزيز.
وتناولت الجلسة الأولى التي قدمها عضو هيئة التدريس الدكتور عبدالعزيز بن صالح الهلابي، بعنوان “معالم تاريخ نجران في عصورها القديمة” ، ناقش من خلالها ورقة ” نجران: قراءة في تاريخها القديم حتى نهاية العهد النبوي ” أهمية منطقة نجران من حيث النشأة وسكانها وموقعها، وما مر بها من أطوار وأحداث، وعلاقاتها بالجوار المباشر وغير المباشر.
فيما قدم أستاذ قسم التاريخ في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العبد الجبار، ورقة بحثية بعنوان “نجران في المصادر الكلاسيكية”، أكد خلالها أن منطقة نجران تأتي ضمن المناطق القليلة التي وردت في المصادر الكلاسيكية رغم أهميتها السياسية والاقتصادية في العصرين الهلينستي والروماني من خلال ورودها عندالمؤلفين الإغريق والرومـان مـن أمثال سترابون (64 ق.م 24م)، وبلينـي الأكبر (23 أو 24م- 79م)، وبطليموس (ت 170-100م) وغيرهـم، وربطها بالشـواهد الأخرى.
وأبرزت الدكتورة سلمى بنت محمد هوساوي، ورئيسة وحدة الشؤون المدرسية بمكتب التعليم الدكتورة ندى أبو القاسم دراج، في ورقتهما العلمية ” الصلات الحضارية بين آبار حمى وقرية الفاو من خلال الرسوم الصخرية والنقوش “، وبروز قرية الفاو وآبار حمى تاريخياً وحضارياً وموقعهما على الطريق التجاري، وكذلك الرسوم الصخرية والنقوش أهم ما يميز آثار المنطقتين، التي أمدتنا بالكثيـر من المعلومات عن الملابس وأدوات الزينة والأسلحة، والمواقد الحجرية، والإنشاءات المستطيلة والمخروطية.
وتطرقت رئيس مجلس الإدارة للجمعية التعاونية للخزف الدكتورة عواطف بنت حمد القنيبط، في الورقة العلمية التي قدمتها بعنوان ” فخار نجران وجازان: دراسة مقارنة “، إلى صناعة الفخار في منطقة نجران منذ عصورها القديمة حتى عصورها الإسلامية، حيث تعـدُّ صناعة الفخـار مـن الحـرف التقليدية التراثية في المنطقة التي تجسد فنيات ومهارات الحرف المتوارثة، ولا تزال تؤدي دوراً مهماً في حياة أهالي نجران، إذ لا يكاد يخلو أي منزل بالمنطقة من قطع فخارية لاستخدامات يومية أو سالفة.
فيما تناولت الجلسة الثانية بعنوان ” نجران بين النقوش والآثار” التي قدمها الدكتور عوض بن علي السبالي الزهراني، بورقة عمل بعنوان “الاكتشافات الأثرية في موقع الأخدود “، بداية ظهور نجران كمدينة تجارية مهمة مع بداية الألف الأول قبل الميلاد، وبروزها على درب البخور التجاري، إذ كانت تتجمع فيها القوافل حاملة البخور والطيـوب، وبضائع الصيـن وبـلاد السند والهنـد؛ لتنطلق منها إلى بلاد الرافديـن والشام ومصر وحوض البحر المتوسط عبر طرق تسلك أراضي الجزيرة العربية.
وقدمت الدكتورة لورا ستراشان، ورقة بحثية بعنوان “الآلهة عليا في حمى” ، أكدت خلالها أنه على مدى السنوات الخمس الماضية أجريت دراسة بيئية في منطقة حمى بنجران، من خلال الجمع بين الأساليب الأثرية مع تلك الموجودة في الأنثروبولوجيا الثقافية، وركزت على أربعة أنواع من الثقافة المادية، بما في ذلك الهياكل الحجرية، والجندل الصخري الوحيد، ومجموعـة مـن آثار الأقـدام المحفورة، والنقوش الصخرة، لفهـم العلاقات السابقة بين الناس وأنظمتهـم البيئية بشكل أفضـل.
وأوضح قائد فريق البحث الأثري في هيئة التراث الدكتور ضيف الله بن ذعار العتيبي، في ورقته البحثية التي قدمها بعنوان “روائع القيمة العالمية والمظاهر الحضارية في موقع حمى الثقافي”، أن منطقه حمى تعدُّ شاهداً صادقاً على مشاركة إنسان هذه الأرض في بناء الحضارة الإنسانية والانفتاح على الحضارات الأخرى، إضافةً إلى دورها في حركة التجارة بين قارات العالـم عبـر العصـور، ووصفها بالمتحف المفتوح للعديـد مـن النقوش والرسوم والكتابات الثمودية، ونصوص المسند الجنوبي، كما تمثِّل فنون ونقوش حمى الثقافية الصخرية مصدراً ثميناً للتوثيق المدون بالنقوش الفنية والتاريخية والإثنوجرافية لأحداث التغير المناخي في شبه الجزيرة العربية، وتعدُّ منطقة حمى الثقافية موقع تراث ثقافي عالمي، حيث تتضمَّن أكثر من 34 متوقعاً، والآبار على امتداد أحد أقدم طرق القوافل التي كانت تعبـر مـن جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها، حيث تضم منطقـة الـفـن الصخري الثقافي فـي حمـى 550 لوحـة فـن صـخـري، تشتمل على مئات الآلاف مـن النقوش والرسوم الصخرية التي تصور الصيد والحيوانات والنباتات وأساليب الحياة لثقافة امتدت لفترة زمنية كبيرة دون انقطاع، كما تناولت الدراسة الحالية مؤشرات القيمة العالمية الاستثنائية والـدور الثقافي للموقع كقيمة تاريخية؛ لما يحتضنه من النقوش الصخرية.
من جانبها، استعرضت مديرة إدارة الأصول والمتاحف بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية رشا بنت إبراهيم الفواز، خلال الورقة التي قدمتها بعنوان “الزخارف المعمارية في موقع الأخدود”، مجموعة غير منشورة من العناصر الزخرفية التي تظهر على المنشآت المعمارية التي تم الكشف عنها في موقع الأخدود الأثري بنجران، وهي محفوظة حالياً في متحف نجران، وكذلك في موقع الأخدود، تختلف في الأشكال والمادة الخام؛ فمنها الحجرية والطينية والمعدنية، وتشمل أفاريز وأحجار على واجهات المباني.
واستعرض رئيس قسم الاستكشاف في وزارة الثقافة الدكتور فيصل بن حمد آل جبرين، في الورقة التي قدمها بعنوان “الفنون الصخرية بجبل الكوكب بمنطقة نجران” ، نجران من الجانب الجغرافي والتاريخي، يلي ذلك نبذة عن مفهوم الفنون الصخرية وتاريخ دراستها، ثم الحديث عن موقع جبل الكوكب وما يحتويه من واجهات صخرية لأشكال حيوانية ونباتية وآدمية، إضافةً إلى أبرز الأساليب الفنية المستخدمة في تنفيذ هذه الأشكال، وقد استعرضت الدراسة بعض الخرائط والصور المميزة للواجهات الصخرية من الموقع، قبل أن تختم بأبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة من ناحية دلالات تلك الرسوم، وأعمارهـا الزمنية، وأنواعها المتعددة، ومضامينها المتنوعة، وطرق تنفيذها.
وتناولت الجلسة الثالثة من الملتقى بعنوان ” نجران في العصور الإسلامية المبكرة والوسيطة”، إلى الرحلة الحجية النجرانية في العصر الإسلامي من خلال الورقة البحثية التي قدمها مستشار مركز تاريخ مكة المكرمة الدكتور إبراهيم بن عطية الله بن هلال السلمي، لرصد رحلات الحج من نجران إلى مكة المكرمة منذ العصر القديم إلى نهاية العصر الإسلامي، موضحاً طرق الحج وأساليب النقل، وما كان من أثر لتلك الرحلات الحجية على البلدين، سواء الدينية أ السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم العلمية، والوقوف على ما وجد مـن آثـار لـرحـلات الحـج ، ورصد التاريخ الشامل لمنطقة نجران، والتنبيه لمواطن آثار الحج بها، والطرق التي كان يسلكها الحاج النجراني، وأثر رحلات الحج في مكة المكرمة.
فيما قدمت أستاذ مساعد في كلية الشريعة والقانون بجامعة الجوف الدكتورة عفراء بنت عزام الشراري، ورقة بحثية بعنوان “قرى نجران في كتابات الجغرافيين والرحالة المسلمين”، تناولت فيها دراسة وقراءة تحليلية عن قرى نجران كما وردت في كتابات الجغرافيين والرحالة المسلمين.
كما قدم عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف الدكتور حسن بن عوض الشهري، ورقة تاريخية بعنوان “أمراء الرسول ﷺ على نجران”، فيما قدمت حليمة بنت علي بن يحيى النقبي، ورقة بحثية بعنوان “الصناعة الحرفية في نجران في ضوء التراث الجغرافي الإسلامي”، أكدت خلالها تميز الجزيرة العربية بتنوع المهن والصناعات الحرفية فيها منذ زمن بعيد، وكانت بعض الصناعات الحرفية تعاني من النظرة الدونية واحتقار العرب لهـا، إلى أن ظهر الإسلام وغيَّر هذه النظرة، مشيرةً إلى أن عدة عوامل مجتمعية أسهمت في قيام الصناعات الحرفية في نجران، كالموقع الجغرافي المتميز، وتعدد تضاريسها، وشهرتها التاريخية كممر للقوافل التجارية.