اجتماعية مقالات الكتاب

الإرجاف .. أشد أشكال الحرب النفسية فتكاً

إن الإرجاف يمكن تعريفه بأنه نشر الأخبار المثبطة والمحبطة بغية الوصول إلى إحداث الاضطراب وزعزعة الثقة والأمن والأمان في النفوس أو ترويج أخبار كاذبة بغرض إحداث الفتنة وتأليب الناس للنيل من أبرياء، وغالباً ما يستهدف عواطف الفرد وهو أشد ضرراً من الإشاعة لأن الإشاعة تشيع جميع الأخبار الإيجابية والسلبية، بينما الإرجاف يختص بنقل الأخبار السلبية السيئة وينطوي على أضرار فادحة تحيق بالأمة والدين والوطن، قد حذر المولى تعالى المرجفين في قوله: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم … إلخ).

إن خطورة الإرجاف والأكاذيب متعددة على المجتمعات منها على سبيل المثال لا الحصر أنه يهدد استقرار المجتمع وتماسكه ووحدته ويوهن جبهته الداخلية ويكرس فيها الانهزامية ويثبط معنويات أفراد المجتمع ويضعضع إيمانهم بقيمه ومبادئه، كما يزلزل الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته، وهو أشد أشكال الحرب النفسية فتكاً بالمجتمعات والأمم، حيث يمثل معولاً هداماً لركيزة الأمن في الأمة عبر إثارة البلبلة والاضطرابات ونشر الخوف والذعر لدى أفرادها ومن ثم تهيئة المناخ الملائم للإرهاب. كما أن هنالك علاقة وثيقة بين الإرجاف والفساد، ذلك أن الإرجاف عنصر مهم لترسيخ آفة الفساد، فحيثما كان هنالك إصلاح كان الإرجاف موجوداً، والعلاقة طردية بينهما فالإرجاف يقل أو يشتد ضراوة تماشياً مع خطوات الإصلاح.

ونظراً للاستخدام الواسع لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي فقد كثر الإرجاف فما أن يسوق مرجف أراجيفه عبرها إلا وتنتشر انتشاراً واسعاً ويتبادلها المستخدمون لتلك الوسائل. ويعمد بعض المرجفين بخبث إلى اختزال أجزاء من المعلومات والأخبار ناقلين نصف الحقيقة ومجترئين على النصف الآخر الأراجيف لتنتشر ويصدقها البعض دون تمحيص، وآخرون يغلفون الحقيقة بالأكاذيب ويزينونها بطريقة ماكرة لتنطلي على العامة.

إن مواجهة الإرجاف تبدأ من المواطن الذي يجب عليه التأكد من أي خبر أو معلومة رائجة بجانب دور علمائنا ومفكرينا لتحصين المجتمع ضد الأراجيف وكذلك أئمة وخطباء المساجد لبيان خطورة الخبر والمعلومة الكاذبة وعلى المختصين ووسائل الإعلام المختلفة وضع أسس منهجية عصرية لرفع وعي المواطنين ليكونوا قادرين على كشف الحقائق من الأراجيف والأكاذيب وعلى المدارس ورياض الأطفال تنشئة جيل على مكارم الأخلاق التي حث عليها ديننا الحنيف وأن يهتدوا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع).

وأخلص إلى أن الإرجاف هو صنو الفتنة ومهدد لأمن المجتمع والأمة، وإذا كانت الرصاصة تقتل فرداً فإن الخبر والمعلومة الكاذبة قد تقتل مجتمعاً بل أمة، فلابد من تضافر كافة الجهود أفراداً ومؤسسات في سبيل الوصول إلى تحصين توعوي ثقافي للمواطن تكون ترياقاً له إزاء ما يتعرض له من أراجيف وأخبار كاذبة وباطلة.

J_alnahari@
باحثة وكاتبة سعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *