أصبح البعض مصاباً بداء خطير أكثر فتكاً من السيد كورونا والغريب في الأمر أنني لم أصادف بعد أية شعارات تندد به أو حملات تسعى لمكافحته، بالرغم من خطورته البالغة إنه داء البذاءة الذي يلقي بصاحبه من أعلى طابق للتقدير لأدنى موضع للتحقير، فيندر أن يخلو مجلس من كلمة سوء، حتى لو كان ذلك على سبيل المزاح، المزاح الذي أصبح شماعة للغير يعلقون عليها آثامهم،
وبالرغم من نتانة اللعن والنهي الصريح عنه في الحديث الشريف وكونه إذا مُزج بماء البر للوثه، إلا أنه حاضر في المجالس مرتدياً ثوب الفكاهة والشتم متوحشاً صدر المجلس والكلمات المشفرة تتصدر الترند في حياتنا، دون أن يقرر أحد إيقاف هذه الحرب التي تعود على الآخرين بخسائر معنوية يفقدون فيها تعاليم دينهم وقيمهم حتى تقديرهم لذواتهم هذه الحرب التي تمتد آثارها متخطية الحدود وصولاً للأجيال التي نعلق عليها الكثير من الآمال لم يقتصر الأمر على صبية الحي الذين يتطاولون بالألفاظ على بعضهم البعض، لقد تعدى ذلك لأرباب البيوت وسائقي التاكسي والباعة في المحلات والزبائن وحتى في الحرم المدرسي فوجئت بكمية الألفاظ النابية في المدرسة عندما ذهبت ذات مرة في زيارة لمدرسة للأولاد وجدت أن بعض الأساتذة ينعت تلاميذه بألفاظ لا يسعني أن أقولها هنا حياء،
وهذا لا يبشر بخير أعني أن يتم التعامل باستخفاف ودناءة تذهب معها هيبة الصف المدرسي الذي كان يتحلى بالوقار أصبح أبعد ما يكون من ذلك وهذا بحد ذاته تلوث لفظي يعدي كما يعدي السليم الأجرب ونحن أمام هذا الغزو الفظيع الذي تعجز قوانا عن إيقافه نتساءل كيف يمكننا تربية جيل خالٍ من البذاءة كخلو عبوة الكوكا كولا من الكحول؟كيف يمكننا تبديل ما يتم تداوله في المجالس من ألفاظ نابية لألفاظ نبيلة وسامية وكأن هذا المشهد البالغ القداسة لا يمكن تحقيقه إلا بالعودة بالزمن للأسرة اللبنة الأساسية لكل مجتمع وغرس فيه قيم الكلم الطيب المتمثل في التوجيهات النبوية «: (ليس المؤمن بالطّعّان، ولا اللّعّان، ولا الفاحش، ولا البذيء» وفي الشعر العربي الذي يحث بدوره على حفظ اللسان يقول الشاعر عوّد لسانك لفظ الخير تحظ به إن اللسان لما عودته يعتاد وكأن الوصفة السحرية في اعتياد الكلام الطيب هي الحل لذلك لا شيء أطيب من اللسان إذا طاب ولا أخبث منه إذا خبث فعلينا أن نستنكر ما نشاهده من حولنا من استخفاف باللفظ والتوقف عن مخالطة الأشخاص المصابين بهذا الداء، حتى تتم معالجتهم في أقرب مصح لفظي.
Amna7mad@