متابعات

الأسمنت الأخضر صديق للبيئة ويجلب الاستثمارات

البلاد ـ جدة

تواصل جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية “كاوست” جهودها في مجال الأبحاث العلمية المتعلقة بالصناعة والتقنية، ومؤخراً نظمت الجامعة بالتعاون مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية، ورشة عمل بعنوان “إزالة الكربون من صناعة الإسمنت – الطريق نحو الحياد الكربوني في 2060م”.
وأوضح وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير التعديني مساعد بن عبدالعزيز الداود، في كلمته الافتتاحية لورشة العمل أنّ المملكة تمتلك قطاع إسمنت حيوي سيساهم في تحقيق رؤيتها للاستدامة ومستهدفاتها للوصول للحياد الصفري من انبعاثات الكربون، مُشِيراً إلى أنه من المتوقع ارتفاع الطلب على الإسمنت في السنوات القادمة؛ نظراً لحجم المشاريع الضخمة المخطط لها أو قيد التنفيذ في المملكة مما سيزيد من ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات الكربون الناتجة من صناعة الإسمنت.


واستعرض الدراسة التفصيلية التي قامت بها وزارة الصناعة والثروة المعدنية مؤخراً لقطاع الإسمنت في المملكة، والتي تطرقت إلى عدة مواضيع مهمة منها الاستدامة البيئية، وكان من ضمن مخرجاتها إنشاء مركز أبحاث مشترك بين شركات الصناعات التعدينية بالتعاون مع الجامعات لتطوير صناعات خضراء لعدة قطاعات صناعية تشمل الأسمنت وصناعات أخرى مثل الفوسفات والألمنيوم.
بعد ذلك أكّد مقدم ورشة العمل البروفيسور بسام دالي، – من مركز أبحاث الاحتراق النظيف في كاوست- أن إزالة الكربون من صناعة الإسمنت أمر ضروري لتحقيق أهداف المملكة، ويمكن أن يجلب ذلك فرصاً وأسواقاً جديدة، وهناك حاجة ماسة إلى تطوير تقنيات جديدة وإعادة التفكير في عملياتنا الحالية.

بدوره أوضح نائب رئيس الجامعة للأبحاث البروفيسور بيير ماجستريتي، أن الجامعة تتصدى للتحديات الرئيسة في مجال إزالة الكربون كجزء من التزامهم بالبرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون، مشيراً إلى أن الإسمنت يعد قطاعاً رئيساً تسعى فيه الجامعة لتقديم حلول مبتكرة نظراً لأهميته الاقتصادية للمملكة ولهدف الحياد الكربوني في 2060م.
وشهدت ورشة العمل مشاركة شخصيات ومسؤولين رفيعين من القطاعات الحكومية والصناعة والأوساط الأكاديمية، وستتناول ثلاثة محاور رئيسة تشمل: استخدام الوقود البديل في صناعة الإسمنت، وإنتاج الإسمنت “منخفض النسبة من الكلنكر” أو ما يسمى بالإسمنت الأخضر وتقنية التقاط الكربون.


يذكر أن المملكة تعدّ من أكبر منتجي الإسمنت في الشرق الأوسط والثامنة على مستوى العالم في هذه الصناعة، وهي تشهد اليوم العديد من المشاريع التنموية الضخمة الأمر الذي سيرفع من إنتاجها للإسمنت خلال السنوات القليلة القادمة أكثر من المعدل الحالي الذي يصل نحو 70 مليون طن سنوياً حيث تفرض هذه الزيادة تطوير قطاع إنتاج الإسمنت بطرق حديثة وصديقة للبيئة يتم خلالها إزالة انبعاثات الكربون منه بطريقة مستدامة وخاضعة للرقابة، وهو ما تشجعه رؤية المملكة، في الوصول إلى الحياد الصفري في 2060م من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون.

نوعاً من الأسمنت
يعتبر الأسمنت من أكثر المواد الخام أهمية في الحضارة الإنسانية، حيث يستخدم على نطاق واسع في كثير من عمليات البناء والتشييد، وتتعدد أنواعه، إذ يوجد حالياً نحو 42 أسمنتاً معيارياً، وهذه الأنواع المختلفة يتم استخدامها في عدد كبير من التطبيقات المهمة، وهناك أنواع عدة من الأسمنت منها الأسمنت سريع التصلب، الأسمنت المقاوم للكبريتات، وأكثر أنواع الأسمنت استخداماً «أسمنت بورتلاند».
وبالرغم من أهمية الأسمنت في جميع مجالات البناء والتشيد، إلا أن إنتاجه في الأفران يتطلب حرارة عالية حتى تتم عملية الحرق، ونتيجة لذلك هناك كميات عالية من الوقود الأحفوري تستخدم لحرق المواد الخام للأسمنت ليخرج لنا بالشكل المطلوب.
ويتسبب حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الأسمنت في انبعاث كميات كبيرة من الغازات الضارة، ومن أهمها ثاني أكسيد الكربون، وتقدر الأبحاث أن العملية التصنيعية للأسمنت في العالم تسهم بنحو 5 % من مجمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذي الآثار السلبية على البيئة والإنسان.
وتتسبب الآثار الناجمة من تسرب كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، في أثناء حرق الوقود، في كثير من الأمراض والأخطار البيئية، فكلما زاد الانبعاث، واستمر بشكل أطول، زادت الأضرار البيئية للمصنع، وكثرت نسبة أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والتحجر الرئوي وسرطان الرئة والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض الخطيرة.
ويعد الالتفات نحو مادة البوزلانا تقدماً جريئاً نحو حقيقة جادة وصارمة للتقليل من التلوث البيئي، فالبوزلانا عبارة عن رماد بركاني يمكن أن يستخدم كبديل للكلنكر، إذ كان الرومان يخلطون الجير مع الرماد البركاني وقطع الصخور والماء لعمل مادة بناء صلبة وأكثر تماسكاً استخدمت في تشييد المباني.
إن الأسمنت الأخضر مفهوم يعبر عن استخدام مواد صديقة للبيئة في تصنيع وإنتاجه بأقل الانبعاثات للغازات الضارة للبيئة، ونكون بذلك قد ساهمنا في تقليل التلوث البيئي والضوضاء ووصلنا إلى البيئات والمجتمعات المستدامة، وكلما زاد استخدام وإنتاج الأسمنت الأخضر الصديق للبيئة كلما استحق المصنع نقاطاً خضراء بيئية من مجلس المباني الخضراء، وكلما قلت أضرار مصانع الأسمنت للبيئة والإنسان أصبح المصنع أخضر، وعاش البشر بسلام وأمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *