البلاد- وكالات
أصبحت أشباه الموصلات أو ما يعرف بالرقائق الإلكترونية محورًا هامًا في الكثير من الصناعات حول العالم.
وبرز هذا الأمر جليُا خلال العام الماضي؛ حينما تعرضت الكثير من القطاعات مثل السيارات والهواتف المحمولة لمشاكل عديدة نتيجة تضرر قطاع الرقائق بشكل كبير جراء المخاوف من تسارع عمليات الركود بالاقتصاد العالمي إضافة لاستمرار وجود عقبات في سلاسل الإمداد.
وتعرض العديد من طرازات السيارات والهواتف المحمولة لتأخير التسليم أو إلغاء بعض المنتجات نتيجة المشاكل التي ضربت قطاع أشباه الموصلات.
وتزايد مكانة الرقائق في العالم دفع الرئيس التنفيذي لشركة إنتل (Intel)، أن يتوقع بأن تشكل سلاسل توريد الرقائق، الجغرافيا السياسية أكثر من أي سلعة أخرى على مدى الخمسين عامًا القادمة.
وقال بات جيلسنجر الرئيس التنفيذي لشركة إنتل لوسيلة إعلامية عالمية، إن السياسة العالمية ستهيمن عليها عمليات التجارة والاستثمار والتوفر في قطاع الرقائق الدقيقة على مدار العقود العديدة القادمة.
وأفاد على هامش مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي إن أماكن تواجد سلاسل توريد التكنولوجيا، وأماكن تصنيع أشباه الموصلات ستكون أكثر أهمية خلال العقود الخمسة القادمة.
وأكد جيلسنجر أن استثمار إنتل في بناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى من العالم مهم ليس فقط لمستقبل الشركة، ولكن من أجل “عولمة المورد الأكثر أهمية لمستقبل العالم”.
وقالت شركة إنتل (INTC) العام الماضي إنها ستستثمر نحو 20 مليار دولار لبناء منشأتين جديدتين لإنتاج الرقائق في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ما يصل إلى 90 مليار دولار في مصانع أوروبية جديدة ، بهدف إعادة تأكيد مكانتها كرائدة في صناعة أشباه الموصلات. وجاءت توسع انتل خارج إطار القارة الآسيوية نتيجة مخاوف بشأن تركيز تصنيع الرقائق، لا سيما في الصين وتايوان.
ومع قيام الصين بالعديد من الإجراءات الاحترازية جراء جائحة Covid-19 وتصاعد التوترات الجيوسياسية ظهرت مشكلات بالغة في سلسلة توريد الرقائق في السنوات الأخيرة الأمر الذي تسبب في حدوث نقص وتأخير في الشحن لمختلف المنتجات بدء من أجهزة الكمبيوتر المكتبية وأجهزة iPhone إلى السيارات.
وفي هذا الإطار قال جيلسنجر: “إذا تعلمنا شيئًا واحدًا من أزمة كوفيد وهذه الرحلة المتعددة السنوات التي كنا فيها، فنحن بحاجة إلى المرونة في سلاسل التوريد الخاصة بنا”، مضيفًا أن استثمارات إنتل الصناعية تهدف إلى “تسوية هذا المجال. حتى يمكن اتخاذ قرارات استثمار جيدة “.
وما يزال إنتاج السيارات يعاني من نقص أشباه الموصلات حيث من المتوقع أن تستمر الأزمة “حتى 2024 على الأقل”.
وأشارت تقديرات شركة “أليكس بارتنرز” الأمريكية للاستشارات، إلى أن المدة بين طلب الرقائق وتسليمها تستغرق في الوقت الراهن ستة شهور أي ما يعادل ضعف المدة المعتادة.
وقالت شركة الاستشارات الأمريكية إن الحاجة إلى الرقائق لكل سيارة آخذة في التزايد بسبب زيادة الرقمنة والكهربة، وفي الوقت نفسه يحجم مصنعو الرقائق عن زيادة حجم إنتاجهم بسبب الركود الذي يلوح في الأفق وارتفاع أسعار الفائدة.
لم يكن تفشي فيروس كورونا منذ مارس 2020، وحده، المتسبب في أزمة الرقائق أو أشباه الموصلات التي تضرب مختلف دول العالم.
إلا أن المتتبع للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يجد أن شرارة الأزمة انطلقت من هناك، مع تكثيف صيني لشراء كميات ضخمة من الرقائق -التي تعد الولايات المتحدة مصدرا رئيسيا لها- تجنبا لتصاعد حدة الخلافات بين أكبر اقتصادين حول العالم.
وتظهر بيانات صينية أن الصين نفذت عمليات شراء ضخمة منذ 2019، تجاوزت مليارات الدولارات فوق حاجتها الفعلية من الرقائق، حتى لا تكون هذه السلعة أداة تصعيد في الحرب التجارية بين البلدين.
وعلى الرغم من أن الصين تنتج أشباه الموصلات أو الرقائق، إلا أنها تواجه عجزا تزيد نسبته عن 60% مقارنة مع حجم الإنتاج الفعلي، بينما دول أخرى تصنع الرقائق لتلبية احتياجاتها المحلية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية.