جدة- ياسر خليل
أجمع اقتصاديون ومختصون لــ”البلاد” على أن المملكة أصبحت تتبوأ مركز الصدارة عربياً في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، وتحتل مكانة رائدة على مستوى العالم، بما تقدمه من مبادرات وبرامج مسؤولية لا يوجد مثيل لها على الصعيد الدولي، وبعدما شكلت مؤخراً لجنة عليا للمسؤولية الاجتماعية برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله -، وتضم عدداً من الوزراء والمسؤولين في القطاع الخاص، ووصل عدد المتطوعين بالتكرار خلال عام 2022م وحده إلى 5.4 مليون متطوع.
ويرى الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة أن الخطوات الواسعة التي سارت بها السعودية نحو المسؤولية الاجتماعية لا يوجد مثيل لها في أي مكان آخر في العالم، لافتاً إلى أن القرار الأهم صدر عن مجلس الوزراء الكريم في شهر نوفمبر الماضي بتخصيص يوم سنوي للمسؤولية الاجتماعية، في الثالث والعشرين من شهر مارس للتأكيد على أننا نسير في الاتجاه الصحيح، وأن شركات القطاع الخاص تقوم بدورها تجاه أبناء وبنات الوطن، وسبقه تشكيل لجنة عليا للمسؤولية الاجتماعية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وهذا يعني أن الدولة أخذت الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية على عاتقها، ولا تتهاون في هذا الأمر.
وأشار أن المملكة اهتمت قبل غيرها بالمسؤولية الاجتماعية، لكنها أعطت اهتماماً خاصاً بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، عندما تبنى مجلس الشورى السعودي في عام 2019م نِظاماً للمسؤولية الاجتماعية للشركات، وأقر مشروع نظام الهيئة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، ويتكون مشروع النظام من 13 مادة، بهدف تنظيم المسؤولية الاجتماعية للشركات، والاستراتيجيات لتنشيطها وتحفيزها للقيام بمسؤوليتها الاجتماعية، وتطوير أداء الشركات للمسؤولية الاجتماعية وآليات العمل المرتبطة بها، وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية المستدامة وخدمة المجتمع، وضمان تحقيق المسؤولية الاجتماعية للشركات، لتحقيق أهدافها المنوطة بها والتوقعات التي يعلقها المجتمع بها، وتفعيل مسؤولية الشركات تجاه أفراد المجتمع وموظفيها وعملائها والمساهمين فيها، وتحسين مستوى معيشة الفرد بأسلوب يخدم التجارة والتنمية في آن واحد، إضافة إلى بناء الصورة الذهنية الإيجابية للسعودية، وتعزيزها محلياً وإقليمياً وعالمياً من خلال تقديم نموذج إيجابي في المسؤولية الاجتماعية للشركات.
أرقام تاريخية
وأشار رجل الأعمال مسفر بن خير الله إلى أن السعودية حققت أَرْقاماً تاريخية غير مسبوقة في التطوع خلال عام 2022م وفقاً للمنصة الوطنية للعمل التطوعي، حيث بلغ عدد المتطوعين نحو 5.4 مليون متطوع بالتكرار، منهم 658 ألفاً بلا تكرار، ونفذت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أكثر من 373.3 ألف فرصة تطوعية في مختلف مجالات العمل التطوعي التي تزيد عن 20 مَجالاً، بإجمالي 40 مليون ساعة تطوعية منقضية، وبعدد 65 مليون مستفيد من هذه الفرص في مختلف مناطق المملكة، وتنوعت الفرص بين مستويات العمل التطوعي الثلاثة، إذ بلغت نسبة العام 44.5 %، والمهاري 35 %، والاحترافي 20 %، مما انعكس على ارتفاع القيمة الاقتصادية للساعة التطوعية إلى 64.16 ريالاً للفرد، وتحقيق عائد اقتصادي بلغ 923.3 مليون ريال، وبلغ عدد الأفراد المسجلين على المنصة الوطنية للعمل التطوعي، والتي تعد حاضنة التطوع والمنظمة له 1.25 مليون، فيما بلغ عدد الجهات 5200 جهة مسجلة وموفرة للفرص التطوعية.
وأكد أن نظرة رجال المال والأعمال بالمملكة تغيرت بشكل لافت في السنوات الماضية عن التطوع، بعدما ساهمت المبادرات والبرامج التي حملتها رؤية المملكة 2030 في تحفيز القطاع الخاص وتذكير الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية وواجبها تجاه البيئة والمجتمع، حتى لا يكون تحقيق الربح عائدا على حساب أمور غير مقبولة.
أسلوب حياة
وأوضح رجل الأعمال رئيس لجنة النقل البري في غرفة جدة سعيد بن علي البسامي أن المسؤولية الاجتماعية للشركات ليست ظاهرة جديدة في مجال الأعمال بالمملكة، لأن ثقافة العطاء والعمل الخيري ليست مرتبطة بتطور أو بتوجّه خارجي، بل هي ثقافة وأسلوب حياة ورثّه الأجداد لأبنائهم، فدائما لدى المملكة موقف مشرف في المجتمع الدولي اتجاه كل القضايا الإنسانية، ونوه بما تقدمه الشركات السعودية في مجال العطاء والمسؤولية الاجتماعية، حيث تدعم أرامكو الإثراء المعرفي ومحو الأمية عبر مسابقة القراءة الوطنية الشهيرة “أقرأ ” وموسم إثراء الإبداعي “تنوين”، والذي يتم تنظيمه على مدار 17 يَوْماً، بهدف الارتقاء بالمستوى العلمي في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات من خلال حلقات تفاعلية وترفيهية، حيث دأبت الشركة العملاقة على الاستثمار في الكوادر البشرية من خلال تنفيذ العديد من برامج التدريب وتطوير المهارات. والفعاليات اللافتة التي تؤسس لثقافة رائعة في التطوع وخدمة المجتمع وغرس المبادئ والقيم لدى النشء والجيل الجديد.
وأضاف: ليست أرامكو وحدها، بل تعد سابك نموذجاً يحتذى في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، ونالت سمعة كبيرة لحرصها البالغ على إنجاز ما يصب في صالح أعمالها وموظفيها والأطراف المتعددة الأخرى ذات العلاقة بأعمالها، ونظير استثمارها في المجتمعات التي تزاول فيها أعمالها، ما يضيف قيمة اجتماعية وبيئية واقتصادية، وتنطلق المسؤولية فيها عبر أربعة مسارات ذات أولوية استراتيجية، هي: التعليم في مجال العلوم والتقنية، وحماية البيئة، والصحة، والمياه والزراعة المستدامة، وهي مجالات تُسهم في تحقيق عشرة من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مع الالتزام بالعطاء المجتمعي وتقديم المساعدة للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، ووصل عدد المتطوعين بالشركة إلى 2531 متطوعاً.