مما لا شك فيه أن السكوت عن رد الأذى سمو، وعلو بالذات وانتصار على المؤذي، وتفوق على سفاسف الأمور واجتباء لمكانة عالية، وهذا أيضاً دليل على امتلاك مستوى وعي عالٍ جداً، ولكن ماذا لو أن الأذى أصبح متكرراً ومستمراً على نحو دائم.
كما نعلم جميعا أن كل فعل له رد فعل، ولكننا قد نستقبل الفعل دون إبداء أي رد فعل، وكذلك الأذية نسكت، ونتغاضى عنها لعدة أسباب، وأهمها لراحتنا النفسية ولمكانة المتسبب بالأذى، وقد يكون من ذات دائرتنا المحيطة بنا أو صديق ربما أو زميل مهنة، وربما قد يكون من محيط خارجي، وتم الالتقاء به.
إن السكوت عن رد الأذى قوة تجعلنا نتحكم في ذواتنا وردود أفعالنا، ولكن إذا أصبحت الأذية متكررة فالسكوت هنا يظهرنا بشكل غير الواثق من ذاته، ويظهر جوانب الضعف فينا للآخرين، كما أن وتيرة التوتر النفسي تتزايد لدينا، ولذلك حتى لا يتحول إلى قلق نفسي علينا التوقف عن تقبل الأذى.
إن التوقف عن تقبل الأذى أمر يصب في صالح مصالحنا النفسية، وقد يتعرض الفرد منا إلى مواقف مؤذية، وهذا أمر طبيعي، ولكن ما بعد غير طبيعي هو تكرار الأذى من ذات الشخص وإيقافه يتطلب الهدوء والحكمة من خلال إعلان الرفض على نحو صارم فبمجرد أن يرى المؤذي أنك قررت ألا تستسلم للأذية، فإنه يتوقف فوراً.
والتوقف عن تقبل الأذى شجاعة، حيث إن الفرد رفض استمرارية شكل من أشكال العنف على ذاته قد تكون الأذية استهزاءً، وقد تكون تنمراً، وقد تكون تقليلاً وتشكيكاً بقدراتنا وسخرية مستمرة فعلينا أن نعلم أنفسنا نحن ومجتماعتنا وأطفالنا رفض الأذية المتكررة المقصودة وعلينا أن نعي أن هذا حق من حقوق أنفسنا علينا.