بالأمس ذهبت كي أودع مبلغا في حسابي البنكي عبر جهاز الصراف الآلي.. وفجأة ابتلعت الماكينة المبلغ ولم يضف إلى حسابي.. وفي الطريق إلى منزلي توقفت في إشارة المرور ثلاث مرات والسبب خلل في توقيت برمجتها.. ودخلت إحدى الصيدليات بغرض شراء أشرطة قياس السكر ووجدت سعرها يزيد عن محلات بيع الأجهزة الطبية بحوالي 30 %.
هذا نموذج من الرهق اليومي والذي هو عكس جودة الحياة التي تنشدها رؤية 2030، حيث أن أبعاد جودة الحياة تتركز في الأمن والسلامة والصحة النفسية والجسدية والعلاقات الإنسانية التي تتصف بالتآخي والتسامح والتعاون والتعاملات الخدمية عالية الجودة والمرونة والعطف وتقدير ظروف الآخرين وسرعة الإنجاز وعدم المغالاة في التسعير إلخ..
جودة الحياة هي الراحة والمتعة في ممارسة متطلبات الحياة وسهولة الحصول على الحقوق دون تسويف أو إطالة.. وجودة الحياة لا تعني مجموعة ممارسات وتطبيقات، بل هي ذهنية تفاعلية متطورة يجيد مهاراتها قادة المجتمع بجميع أطيافه، في المدارس والجامعات والمنظمات والشركات والمستشفيات ومراكز الترفيه وإداريي المدينة وغيرها، وذلك بهدف إنتاج ثقافة واستراتيجيات ونظم تترجم مفاهيم جودة الحياة على أرض الواقع.
جودة الحياة مفهوم متشعب ملزم لجميع أفراد المجتمع ومنظماته، حيث هناك مسؤليات أدبية واجتماعية وإنسانية وحياتية ملزمة لتقديم فرص وظيفية تساعد الموظف على الإدخار للمستقبل.. وهي التي تمنحه الرعاية الصحية الشاملة والسكن المريح وتعليم الأبناء.. وأن تكون بيئة الأعمال ممتعة وآمنة وغير مرهقة.. كذلك التعليم والعملية التعليمية بأبعادها المتطورة، البيئة والمنهج وأساليبه ووسائطه والمعلم القادر الكفء.
وتجدر الإشارة هنا الى أهمية قياس معدل صناعة الأمل في المستقبل لدى الأفراد والذي هو جزء من جودة الحياة، فآخر الإحصائيات تشير إلى أن أمريكا تتصدر قائمة دول العالم في صناعة الأمل بين أفراد المجتمع.
وأخيرا .. مستقبل جودة الحياة يتوقف على إجاباتنا عن الأسئلة التالية:
هل الأوضاع الاقتصادية ستتحسن في الأعوام القادمة وهل الفرص الوظيفية واعدة.. وهل ستكون أحوال التعليم أفضل.. وهل ستتغير ذهنية الأفراد في التعامل مع مفاهيم جودة الحياة.. وغيرها من أسئلة كثيرة ترونها ضرورية.