اجتماعية مقالات الكتاب

الدبلوماسية الإنسانية والعنف الجنسي

العنف الجنسي هو أيُّ شكل من أشكال الاعتداء اللفظي أو البدني ينفذه المعنِّف، أو يهدد بتنفيذه، ولا يشير الإكراه دائمًا إلى الضغط الجسدي؛ فقد يلجأ المعنفون إلى الإكراه العاطفي، أو النفسي، أو التلاعب، ومن هذه الأساليب تهديدات لإجبار ضحاياهم على الإذعان لهم، كتهديدهم بإيذاء عائلاتهم، أو إقحامهم في ورطة، ومنه أيضًا التعقّب، وهو نمط من السلوكيات المتكررة والموجهة نحو ضحية معينة تسبب لها الخوف، أو تهدد سلامتها أو صحتها النفسيّة كالاتصالات الهاتفيّة المتكررة غير الرضائية، والرسائل الإلكترونيّة،… إلخ.

ونظرًا لما يسببه من أثر سلبي على الفرد والمجتمع فقد أولت الجمعيات والهيئات العاملة في مجال الدبلوماسية الإنسانية هذا الأمر اهتمامًا كبيرًا؛ فهو مطروح في الإطار المكاني التي تعمل فيه بشكل كبير، حيث تشير كل الأحداث التاريخية أنه كلما نشب نزاع مسلح في أي مكان في العالم، يتبعه اغتصاب ووحشية، في الدول المتقدمة والنامية على السواء، حيث يتم استخدامه بوصفه وسيلة في الحرب بغرض الانتقام، كما يتم استخدامه لترويع المجتمعات والخصوم.

ويشار في هذا الصدد إلى أن ثمة ثلاثة مستويات تكتنفها تحديات وفرص يجب على الدول والجهات الفاعلة في المجال الإنساني، والشركاء الآخرين مواجهتها والاستفادة منها، وهي:

– على مستوى الضحايا/الناجين، ثمة نقص في الدعم المعنيِّ بمواجهة الافتقار إلى خدمات الرعاية الطبية، والصحة النفسية، وتوفير المأوى، وانعدام الأمن الاقتصادي، لذا يجب تلبية هذه الاحتياجات من تلك الدول، وزيادة قبول الناجين، ومن بين المطالب المحددة توفير خدمات الرعاية الصحية بشكل آمن وسري لمن يطلبها من الناجين لمنع تعرُّضهم للمزيد من المخاطر.

-على مستوى المجتمع المحلي، ثمة تحديات تنبع من الافتقار إلى المعلومات حول الخدمات المتاحة، وتدهور مستوى السلامة ما يسفر عن زيادة مخاطر التعرُّض للعنف الجنسي، لذا يجب بدعم تقليل المخاطر عبر دعم التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمعات أو توفير الوسائل الاقتصادية بوصفها بدائل لاستراتيجيات التكيف المضرة.

-على مستوى الدول والمؤسسات، ثمة تحديات تنشأ من القصور في تجريم العنف الجنسي، وانعدام قدرة الدول والمجتمعات المحلية على التصدي له، كما أن ضعف التسلسل القيادي، وتدهور أداء الأنظمة القضائية، وعدم اتخاذ تدابير فعالة للحد من العنف الجنسي في أماكن الاحتجاز يسفر عن وضع المزيد من العقبات في طريق مواجهته؛ وقد كانت اتفاقيات جنيف لعام 1949م هي أول المعاهدات التي منعت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي في النزاعات المسلحة.

* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *