لا يساورني شك في أن إنسان اليوم .. ليس هو الإنسان الأول أو القديم .. الذي كنا نقرأ عنه في كتب التاريخ السحيق أو المرسوم على جدار الكهوف .. أو إنسان الهياكل العظمية التي وجدناها في الأحفوريات.
لقد اختلف ذلك الإنسان بشكله ولونه وجسمه وقوة عضلاته وطبيعته وطريقة تفكيره وسلوكه .. بل ويمكن أن نذهب الى أبعد من ذلك ونقول، حتى خلاياه قد تغيرت بفعل تغيرات المناخ والصحة والغذاء والتجارب والخبرات والتعليم والتنقل حول العالم .. وأكسبته صفات طاغية غيرت من تركيبته البشرية والإنسانية والتشريحية وجعلت منه نوعا آخر من البشر.
وفي عصرنا الحديث لعبت الثورة التكنولوجية دورها مرة أخرى .. وأضافت تغييرات ومكونات جسدية ونفسية وفكرية جديدة وغير مسبوقة وجعلت منه أعجوبة الحياة.
دخول الذكاء الاصطناعي والشرائح الإلكترونية ومنظمات العمليات الحيوية الجسدية والنفسية واللقاحات الفيروسية والمضادات الحيوية والأجزاء الروبوتية وغيرها من التقنيات .. أدى دخولها الى جسم الإنسان الحديث .. فجعلت منه إنسانا آخرا لا يمكن التنبؤ بما يمكن أن يكون عليه في المستقبل من قدرات خارقة وشكل وصحة وسلوك وعمر صحي طويل .. بحيث يكون قادرا على تغيير محيطه وأن ينتقل الى آفاق أوسع في الكون ويسافر بين الكواكب ويعيش خارج كوكب الأرض.
هذه التوأمة والتداخل بين الإنسان والتكنولوجيا .. ستغير الطريقة التي يعمل بها وكيفية التواصل مع أقرانه من البشر والآلات الشبيهة بالبشر .. وتأثير الآلة على سلوكه وبالعكس .. وكيف يؤثر الإنسان على سلوك الآلة المتعلمة والتي ستتحول بالضرورة الى آلة مفكرة.
وهناك أسئلة أخرى كثيرة تطرح نفسها بقوة مثل: ماذا يعني أن يعمل الإنسان جنبا الى جنب مع الآلة وكيفية التواصل والتعاون فيما بينهما .. وكيف ستتأثر سلوكياته نتيجة اعتماده على التكنولوجيا وعلاقاته مع رؤسائه وعملائه .. وكيف ستعيد المنظمات صياغة إستراتيجياتها وهياكلها التنظيمية وبرامج الرواتب والمكافآت للإنسان والآلة على السواء.
وأخيرا أرى أن غزو الآلة الخوارزمية الذكية للإنسان بإرادته .. ستعمل على إعادة هندسة مكوناته وقدراته وسلوكياته .. وتجعل منه قوة إبداعية خارقة.