عرف الفقه الجنائي العقوبة بجزاء يقرره القانون ويوقعه القاضي على من تثبت مسؤوليته على فعل يعتبر جريمة في القانون ليصيب به المتهم في شخصه أو ماله أو شرفه، وعرفها القانون على أنها جزاء وزجر وضعه المشرع بقصد ردع الجناة بغية الحلول دون استفحال الجريمة وانتشارها في المجتمع، وبالتالي فهي إجراء احترازي يهدف إلى ضمان تماسك المجتمع وحفظ أمنه واستقراره.
للعقوبة أشكال عدة فهناك عقوبة سالبة للحياة، وعقوبات بدنية سالبة للحرية، كما توجد عقوبات ماسة بالاعتبار وعقوبات مالية،والمبدأ العام في العقوبة هو سلب حرية المحكوم عليه بالسجن لما اقترفه من أفعال مخالفة للقانون، والاستثناء في هذا المبدأ هو العقوبة البديلة التي لا تسلب حرية المحكوم عليه بأكملها وإنما تقيد حريته في ممارسته لأمور حياته دون سلبها كلياً، وتكون العقوبة السالبة للحرية بالحكم بالسجن هي الاجراء الغالب لتأديب المجرمين والحد من النزعة الإجرامية بعد ارتكابهم لأفعال من شأنها زعزعة أمن المجتمع والتشويش على استقراره.
الاتجاهات والتطورات المعاصرة للسياسة الجنائية على مستوى العالم توجهت إلى تبديل بعض العقوبات السالبة للحرية بالعقوبات البديلة لمراعاة وجود توازن وتناسب بين القيم والمصالح المتطورة على المجتمع وبين الحقوق والحريات الفردية لتخفيف ما لها من انعكاسات سلبية على المحكوم على مستوى سجله الجنائي وشعوره بالانتقام وصعوبة اندماجه داخل المجتمع مستقبلا وخلفية ذلك على الأسرة.
يقصد بالعقوبات البديلة: مجموعة من الجزاءات تحل محل العقوبات التقليدية (السجن) وتكون مالية بالغرامة، أو بتقديم خدمات اجتماعية، أو بالإقامة الجبرية في مكان لهدف معين أو غيرها من العقوبات التي تحقق هدف التهذيب وتعديل السلوك لما فيه فائدة الفرد والمجتمع.
تساهم العقوبات البديلة في تخفيف أعداد المسجونين وتكثيف الإجراءات المطلوبة وإيجاد الخطط السليمة لمن تم الحكم بسجنه فعلاً للتقويم والمحاسبة والتهذيب، كما تساهم في ايجاد مجموعة من الخيارات للحد من الجريمة والسعي الحثيث لتقويم السلوك الإجرامي مع المحافظة على أواصر المجتمع من الناحية الاجتماعية الأسرية والاقتصادية والأمنية بدون اللجوء لحبس الحرية ومجازاة العائلة ككل عوضاً عن الفرد الذي قام بالجرم.
تتخذ العقوبات البديلة لعقوبة (السجن) أشكالا عديدة منها: وقف تنفيذ العقوبة المعلق على شرط/الاختبار القضائي/ الإفراج الشرطي/ وضع الجاني تحت المراقبة الإلكترونية/الإقامة الإجبارية/العمل لصالح المنفعة العامة.
كان بحث تخرجي الجامعي عن العقوبات البديلة التي ارتأيت أنها ستحقق المعادلة والموازنة الصحيحة بين العدل القانوني المطلوب والتهذيب السلوكي للمحكوم بدون افراط أو تفريط مع تفادي أي أثار سلبية حاضرة أو مستقبلية محتملة على المحكوم أو أسرته أو مجتمعه. وأرجو العمل وفق هذه العقوبات ومشاهدة تطبيقها في القريب العاجل.
محامية
NUJOODQASSIM@