جدة – عبد المجيد الزهراني
عقب إقرار وزير العدل للائحة التنفيذية لتنظيم الترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية، تبادرت العديد من الأسئلة للأذهان، إذ تساءل البعض عن أهمية اللائحة في تطوير مهنة المحاماة وجلب الخبرات العالمية، وما هي شروط ترخيص مكاتب المحاماة الأجنبية في المملكة، وكذلك أهمية اللائحة في تعزيز البيئة الاستثمارية وأهميتها للمنظومة العدلية وتطوير العمل القضائي، فضلا عن أهمية هذه المكاتب في تعزيز الكثير من الوظائف للعمل في مكاتب المحاماة الأجنبية، بينما قال محامون ومستشارون قانونيون لـ”البلاد”، إن جلب الخبرات الأجنبية يعزز تطوير مهنة المحاماة بعدة أمور أهمها رفع كفاءة المنظومة العدلية ومستوى الاحترافية القانونية، وتعزيز تنافسية المملكة مع تحسين بيئة الأعمال والاستفادة من الخبرات، وتوظيف العديد من الشباب المؤهلين لخدمة المهنة ومنحهم فرصة التميز في مجالهم، مؤكدين أن تنظيم عمل مكاتب المحاماة الأجنبية يسهم في تعزيز مستوى المهنة، ويعود بالنفع المباشر على الجهات والأفراد المستفيدين.
يقول االمحامي جعفر عبدالكريم جمل الليل، إن أهمية اللائحة التنفيذية لتراخيص مكاتب المحاماة الأجنبية يكمن في معرفة الشروط والأحكام الخاصة باستخراج التصاريح، ومعرفة نطاق العمل الخاص بهم ومن المهم جدا أن يكون هناك تنظيم مثالي لعمل هذه المكاتب لإلزامها بجميع الاشتراطات الواجب توفرها قبل ممارستهم لأعمالهم في المملكة، مشيرا إلى أن جلب الخبراء الأجانب في مجال المحاماة يعزز تطوير المهنة، ويرفع مستوى الاحترافية القانونية.
وأشار إلى أن الترخيص لمكتب المحاماة الأجنبي بالمملكة يتطلب تحقيق معايير، تتمثل في: ألا يكون قد صدر ضده حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف والأمانة في أي بلد، وأن يكون له سمعة متميزة في تقديم خدمات احترافية في المجالات القانونية التي تحتاجها المملكة، وأن يكون وجوده في الدول والأقاليم الأخرى نظاميا ويخوله مزاولة مهنة المحاماة فيها، ويكون له مقرا في تلك الدول والأقاليم لا يقل عدد العاملين المزاولين للأعمال ذات الطبيعة النظامية عن ثلاثة، وتكون تلك الدول متقدمة اقتصاديا وفقا للمؤشرات والمعايير الدولية، منوها إلى أن مشروع اللائحة التنفيذية اشترط أن يكون الشريك الآخر بالشركة المهنية سعودي، بينما لا يقل عدد السعوديين المزاولين للأعمال ذات الطبيعة النظامية بالمكتب عن نسب التوطين المحددة لمكاتب المحاماة والشركات المهنية وفق الأنظمة والقرارات المنظمة مما يعزز كثير من الوظائف القانونية وغير القانونية بمكاتب وشركات المحاماة الأجنبية.
طمأنة المستثمرين
أكد المحامي عبدالكريم محمد بتاتي، أن هدف تعديلات النظام ولائحته، هو طمأنة المستثمرين ورؤوس الأموال الأجنبية في مختلف الأنشطة الاقتصادية، مضيفا: “رأس المال الأجنبي يحتاج لأن يرافق خطوات عمله كيان قانوني متمكن من أنظمة المملكة، وأن يكون هذا الكيان ذو طابع عالمي، خصوصا فيما لو كان هذا الكيان متواجدا في البلد الأصل لرأس المال، على سبيل المثال لو أرادت شركة أمريكية أن تمارس نشاطا تجاريا بعينه في المملكة فستبحث عن كيان قانوني متمكن من الأنظمة، غير أنه إذا وجدت كيانا له وجود بأمريكا ويملك فرعا بالسعودية فسيكون هو الاختيار الأمثل ليرافقها في مسيرة عملها. وسيكون من فوائد اللائحة تطوير مهنة المحاماة وخلق فرص تنافسية تحرض المواطنين الممارسين على التقدم والسعي للاحتراف العالمي عبر الاحتكاك بالخبرات العالمية وخلق آفاق جديدة لفهم والتعامل مع الأنظمة العدلية لدى وسطي المحاماة والقضاة على حد سواء وتغطية العجز الوظيفي الحالي في ظل صعوبة الحصول على وظيفة قانونية سواء للممارسين أو المتدربين حديثي التخرج”.
تحسين بيئة الأعمال
ويرى المحامي محمد فوزي عبدالمجيد، أن اللائحة التنفيذية للترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية، تسهم في تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، كما تسهم في تطوير مهنة المحاماة محلياً ورفع كفاءة ممارسيها السعوديين، وذلك بنقل وتبادل الخبرات وزيادة فرص العمل للكفاءات القانونية المؤهلة محلياً ودولياً. وأضاف: “بلا شك فإن تنظيم مسألة عمل مكاتب المحاماة الأجنبية يسهم بتعزيز مستوى المهنة الحالي في المجتمع السعودي، مما يعود بالنفع المباشر للجهات والأفراد المستفيدين. فقد وضعت اللائحة الإطار التنظيمي لعمل هذه الكيانات مع اشتراطات رئيسية تضمن كفاءة مكاتب المحاماة الأجنبية العاملة في المملكة”.
وأشار عبدالمجيد، إلى أن اللائحة نصّت على أنه لا يجوز للمكتب مزاولة المهنة قبل التسجيل في عضوية الهيئة السعودية للمحامين، واتخاذ مقر لمزاولة المهنة، كما واشترطت بالنسبة للشريك الذي يمثل المكتب في المملكة أن تتوفر لديه خبرة في طبيعة العمل لمدة لا تقل عن 10 سنوات، وأن تكون منها 3 سنوات بعد الحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة، منوها إلى أن الخبرات العالمية يستفاد منها محلياً للارتقاء لمصافّ العالم الأول، فتنوع الكفاءات القانونية في ظل تنظيم مدروس ومتقن له أهمية بالغة تعود بالأثر الإيجابي على البيئة الاستثمارية والمنظومة العدلية.
وتابع: “لم تغفل اللائحة أهمية هذه المكاتب في توفير العديد من الوظائف، فقد أكدت ضرورة التزام المكتب بألا يقل عدد السعوديين المزاولين للأعمال القانونية في المكتب الأجنبي عن نسب التوطين المحددة لمكاتب المحاماة والشركات المهنية السعودية وفق الأنظمة والقرارات المنظمة لذلك، وأن يضع المكتب خطة عمل سنوية لنقل المعرفة والتدريب وأن تتضمن في حدّها الأدنى تقديم 20 ساعة تدريبية سنويًا لكل عامل في المكتب، إضافة إلى إقرار سياسة لإعارة العاملين السعوديين للمقر الرئيس للمكتب أو فروعه، وتنفيذ برنامج لتدريب خريجي الجامعات وحديثي التخرج في الأعمال ذات الطبيعة النظامية، والإسهام في إقامة أو رعاية مؤتمرات وندوات وفعاليات علمية ومهنية في المملكة”.
المباركي: اللائحة تستهدف تحقيق النفع للمواطن والمحامين
المحامي والمستشار القانوني مناور المباركي، يرى أن رؤية المملكة 2030 اهتمت بكافة المجالات من بينها العدلي والقضائي، إذ صدرت اللائحة التنفيذية لتنظيم الترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية في هذا الإطار، مبينا أن اللائحة تستهدف تحقيق النفع للمواطن وللمحامين وتطوير المنظومة العدلية والعمل القضائي وفتح آفاق البيئة الاستثمارية والأعمال داخل المملكة وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في المحاكم السعودية وأنظمة المملكة وتطويرها المستمر. ومضى قائلا: “اللائحة سمحت باستجلاب شركات المحاماة ذات الخبرات الطويلة والأسماء المعتبرة في عالم المحاماة وتشجيعهم على العمل داخل المملكة، لتيسير احتكاك المحامي السعودي بمحامين أجانب لاكتساب خبرات قانونية واستشارية، فإيجاد الخبرات داخل المملكة أفضل من لجوء الشركات الكبرى إلى مكاتب محاماة خارجية بحثا عن الدعم والاستشارات القانونية، كما أن تواجد هذه المكاتب داخل المملكة يسهم في خلق الوظائف ويوفر العديد من فرص العمل للمواطنين في مكاتب المحاماة الأجنبية، ليس فقط للمشتغلين بالقوانين، وإنما في عدة وظائف كالسكرتارية والترجمة والموارد البشرية على سبيل المثال”.