تبوك ـ البلاد
يحتل مركز “مقنا” موقعاً جغرافياً متفرداً تجتمع فيه مكنونات طبيعية قل نظيراتها في كثير من البقاع، تبهر الزائر والسائح وتأسر الأنظار والألباب، وتأخذه في رحلة تأمل نحو عظيم صنع الله وعجائب قدرته. فمقنا تجتمع فيها العيون التي تنبع من وسط الكثبان الرملية وعلى طريقها المتجه لمحافظة البدع تنتج المزارع أجود أنواع فاكهة المانقا وبكميات تجارية، وإلى الشمال منها يقع وادي طيب اسم الممر الضيق بين الجبال الشاهقة وشديدة الانحدار وتصب مياهه في خليج العقبة.
فيما يتميز شاطئ مقنا الذي يستهوي الكثير من محبي مختلف الرياضات البحرية بما فيها الغوص، لجمال خلجانه والتدرجات اللونية لتشكيلاته الرملية من الحصى الناعم والصغير الحجم وبتنوع بيئته البحرية، وصفاء وعمق مياهه التي تكتنز حدائق المرجان وتجتمع حولها مختلف الكائنات البحرية بألوانها البديعة، وإلى الشرق من المركز تتواجد عيون مقنا التاريخية، وهي عبارة عن عيون مياه قديمة تنبع من وسط الرمال، وتخترق مياهها مزارع النخيل بالمركز. جميع ذلك جعل مقنا مقصداً للجميع ومهوى للكثيرين من عشاق الطبيعة البرية والبحرية من داخل وخارج المملكة، وفي أجواء يحفها الأمن والأمان.
وخلال هذه الأيام تتجه بوصلة هواة التخييم حاليًا إلى شمال غرب المملكة حيث الأجواء المعتدلة في مضيق وادي “طَيَّبُ اسْمٍ” الواقع إلى الغرب من مركز مقنا على خليج العقبة إذ يعد واحدًا من أبرز الوجهات السياحية في منطقة تبوك، وآية من آيات الله تعالى الذي تتجاور فيه الجبال الشاهقة مع البحر الأحمر وما بينهما رمال ناعمة تستقبل موج البحر الهادئ في مشهد بديع يبهر الناظرين. و”طَيَّبُ اسْمٍ” هو مجرى مائي ضيق وشديد ارتفاع الحافات، خاصة بالقرب من مصبه، ويضم مجراه مجموعة من العيون المائية التي نمت حولها بعض أشجار النخيل، وبالقرب من مصبه في خليج العقبة يوجد مجموعة من الآبار، ترفدها مجموعة من المجاري المائية منها: وادي جهمان؛ المنحدر من جبلي اللاوي وزريق، ووادي حقاف؛ المنحدر من جبال: الرداد، ومرشة، وزريق، والورقة، ووادي مراخ؛ المنحدر من جبال: مراخ، وكريبة، وسليمة. وللوادي قصص وحكايات كثيرة أثارت شجون المُلهمين لزيارته، لكن تشكيلاته الجيولوجية الفريدة من نوعها جعلته محل اهتمام علماء الأرض، وهواة التخييم وتسلق الجبال، ناهيك عن مشهد آخر يشد الناظرين وهو جمال جريان العيون ما بين أشجار النخيل الباسقات. ويمتد وادي ” طَيَّبُ اسْمٍ ” بطول 30 كم، وبعرض 10 أمتار يتخلله مسار لتمكين السياح من المرور عبر المضيق بيسر وسهولة، في حين يسعد الزائر عند وصوله الوادي بعليل نسيم الهواء وأصوات الطيور التي تستوطن المكان في منظر يبعث في النفس الاطمئنان والسكون.
ويمكن لزائر وادي ” طَيَّبُ اسْمٍ ” أن يستقل مركبته داخل الوادي مسافة كيلومتر ليترجل بعدها مشيًا على الأقدام وسط الصخور والمياه التي تجري على مدار الساعة، ويُضفي على المكان متعة وجمالاً إطلالة الشمس الهادئة وهي في كبد السماء، فتتعامد أشعتها على الأرض لتخترق الصدع في مشهدٍ يسر الناظرين، ويحرص عليه الكثير من هواة التصوير لالتقاط أجمل الصور الإبداعية للمكان. ولم تقتصر شهرة الوادي على مستوى منطقة تبوك أو المناطق المجاورة فحسب، بل تجاوزها ليصل إلى أكثر من ذلك فأصبح من ضمن اهتمامات الكثير من السياح من خارج المملكة، لاسيما هواة رحلات السفاري، والتمتع بليل الوادي الجميل حيث السماء الصافية ولمعان النجوم، والمناخ المعتدل في الصيف في مكان اجتمعت فيه آيات الجمال الكونية التي تطل ببهائها على خليج العقبة.