تختلف أفهام الناس وطبائعهم بعضهم بعضاً، ذلك معلل باستقلالية كل فرد عن الآخر مع انهم من نفس واحدة وطينة لا تختلف عن طينة الآخر. ولذا اختلفت مداركهم وأرزاقهم وأحوالهم وألوانهم وبشرتهم شأن كل مخلوق خلقه سبحانه وتعالى وصوره.
أما في التحصيل المعرفي والادراك العلمي فثمة اختلاف مؤكد وتشابه في بعض المظاهر والسلوك والتحرك والأعمال والقدرات والإنتاج. أما الحفظ والتدبر فلهما رواية أدبية جميلة وخلوة، فقد قيل أن شيخاً له حلقة درس لطلابه وكان (صحيح البخاري) رحمه الله تعالى – هو المطلوب فهماً وإدراكاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم! لكن أحد طلاب الشيخ المحدث، حفظ الصحيح دون تدبر وفهم وإدراك لمعاني هذا الصحيح للإمام البخاري فذهب زملاء هذا الطالب الحافظ، ليبشروا الشيخ بذلك الإنجاز العملي، فلما وصل الخبر لمسامع هذا الشيخ قال لهؤلاء التلاميذ: (زادت نسخة في البلد) بمعنى أن هذا الحافظ كالأجزاء لهذا الصحيح العظيم! المدرج في رفوف المكتبات بأسواق الكتب وبمعنى آخر انه لم يفهم حديثاً واحداً من الصحيح.
قلت: فأي جهد بذله هذا الشاب الطالب لحفظ حديث البخاري دون وعي للأهداف والمعاني والدلالات وسند هذه الأحاديث الصحيحة ومعرفة رجالها ورواتها؟
الأمر الجاد لمقولة الشيخ ان ما أنجزه الشاب كخط نسخة وكتابتها من جديد لإدراجها في مكانها اللائق والحقيقي.
فهل من مُدَّكر؟