مكة المكرمة – أحمد الأحمدي، مها العواودة
تستمر المملكة في حصد الميداليات الذهبية والفضية في الأولمبيادات العالمية عن طريق طلاب وطالبات مميزين في مجالات علمية مختلفة، ما يؤكد اهتمام الدولة بالعقول النيرة عبر شراكة استراتيجية بين مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” ووزارة التعليم، ما يحفز الطلاب لحصد المزيد من الميداليات العالمية لرفع اسم المملكة عالياً، وبالتالي ينعكس أثر الحصاد العملي على النهضة التنموية الشاملة التي تعتمد على الأفكار المتجددة والابتكار.
واعتبر تربويون أن تحفيز الطلاب على الإبداع هو أحد الطرق الناجعة للوصول إلى المبتغى، لأن التحفيز يمنحهم الدافع لحصد المزيد من التميز العلمي، مشددين على أهمية التكامل بين الجهات المعنية لتعزيز وتطوير المناهج كمحفز إضافي للطلاب. ولفتوا إلى أهمية الأولمبيادات العالمية كمحفز على الاستخدام الأمثل للتقنيات المتقدمة في المعلوماتية، وأهمية الإنجازات التي حققها الطلاب في سياق مستهدفات الرؤية 2030.
أكد التربوي والمتخصص في تدريب الموهوبين بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة عادل بن أحمد البركاتي، أن حصد الطلاب والطالبات الموهوبين والمبدعين للميداليات العالمية باسم المملكة سيكون له أثر ملموس في المستقبل، منوها إلى أن تطوير المناهج التعليمية وتدعيمها بمجموعة من التوجيهات يؤدي إلى تغيير فلسفة التعليم ومحتويات المناهج، وذلك بالبعد عن التلقين ومواكبة العالم المتطور نحو جودة عالية لصقل الكفاءات والبناء الثقافي والعلمي الجيد بتعزيز المهارات لجميع مستويات الطلاب والطالبات.
وقال المستشار التربوي والتعليمي عبدالله بن دحيم الدهاس، إن الموهوبين والموهوبات الذين حققوا مراكز متقدمة في المسابقات العالمية هم ثروة علمية يتعين الاهتمام بها وتنميتها، مشيرًا إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها مؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة والإبداع ووزارة التعليم في هذا الجانب حتى أضحى الطالب السعودي مبدعًا في عدة مجالات علمية وتمكنوا من حصد الميداليات والمراكز المتقدمة. وأضاف: “نتمنى التوسع في مدراس الموهوبين والموهوبات في كافة مناطق ومحافظات المملكة بحيث تخصص مدرسة لكل مكتب من مكاتب التعليم الموجودة في الإدارات التعليمية”، مشيرا إلى أهمية تفريع معلمين في كل مدرسة بالمراحل الثلاث لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم وتنمية قدراتهم وتزويدهم بالدورات التدريبية والتعليمية المتخصصة التي ستسهم في صقل قدراتهم الإبداعية.
وأشار الدهاس، إلى أنه يتعين الاستفادة من هؤلاء الموهوبين والمبدعين في تحفيز أقرانهم من الطلاب والطالبات خلال حصص النشاط وفي الأنشطة التي تقام خلال العام الدراسي، منوهاً إلى ضرورة استقطاب هؤلاء المتميزين في المهرجانات والفعاليات التي تقام في مناطق المملكة لسرد تجربتهم وتعريف كافة أفراد المجتمع بهذه القدرات العلمية المتميزة.
المعلم والمنهج
يقول التربوي هاني نحاس، إن المعادلة الأساسية للتعليم هي المعلم والمنهج والمتعلم، مضيفا: “لنواكب التطور في العصر الحالي نحتاج إلى تطوير ورفع المستوى العلمي والمعرفي. وبفضل الله ثم بجهود المسؤولين في هذه الدولة المباركة وصلنا إلى مراكز علمية متقدمة في العالم، كما حصد الكثير من أبنائنا الطلاب والطالبات ميداليات وجوائز عالمية تحث على بذل المزيد من الجهد لتطوير المناهج التعليمية بما يؤدي لتقدم المجتمع”.
وأكد نحاس أنه من الضروري رفع مستوى المعلم لأنه أحد أركان المعادلة التعليمية السابق ذكرها، وهذا يتطلب من أصحاب القرار في التعليم النظر إلى هذه القضية المهمة لكي يتسنى لأبنائنا وبناتنا حصد المزيد من الجوائز والميداليات التعليمية العالمية. وتابع: “أعتقد أنه لا ينقصنا عقل ولا مال ولكن نحتاج إلى إعادة النظر في بعض المناهج التعليمية من حيث الاهتمام بالكيف لا بالكم مع مراعاة متطلبات العصر، وأتوقع في السنوات القادمة أن يصل الطلاب والطالبات في مملكتنا الحبيبة إلى أعلى المراكز العالمية المتقدمة في مختلف المجالات”.
تكاتف جهود
يرى وكيل كلية إعداد المعلمين ومركز العلوم والرياضيات بمكة المكرمة سابقا أحمد بن عبد اللطيف مير، أن التعليم في هذا العهد الزاهر وصل إلى أعلى المستويات من التطور والتقدم حتى أصبحت المملكة تتفوق كثيرا على دول العالم المتقدمة سواء في التقنيات أو المعلمين والمسؤولين الأكفاء، وساعد على ذلك وجود طلاب وهبهم الله عقولا نيرة وذكاء كبير، لدرجة يمكن معها وصفهم بالعباقرة بدليل تمكنهم من حصد مراكز متقدمة في مسابقات عالمية وميداليات أولمبيادات على الرغم من التنافس الشرس مع طلاب من مختلف دول العالم.
وأضاف: “هناك مدربون مميزون للمواهب الطلابية بعد أن لمسوا ذكاءهم الخارق، وبدأوا في تنمية ما لديهم من مواهب عبقرية وصقلها وعبر شراكة استراتيجة برنامج موهبة الطموح وعدد من الشركاء الآخرين ودعم ومؤازرة الحكومة الرشيدة لدعم وتشجيع وتحفيز الطلاب والطالبات بما يؤدي لحصد مراكز عالمية متقدمة في المناسبات العالمية المقبلة”.
ونوه المستشار التربوي نايف عون جساس الشريف، إلى أنه في ظل الانفتاح المعرفي والتقني تنطلق أهداف التعليم ممثلة في التحقق من انسجام أهداف البرامج المختلفة مع تطوير واتقان مهارات المتعلمين، مشيرا إلى أن المعلم هو المفتاح الرئيس في العملية التعليمية لأي برنامج سواء كان لطلاب عاديين أو موهوبين، وبذلك يرتفع الأداء نتيجة التدريب والخبرة التي يكتسبها الطالب، لذلك سعت وزارة التعليم إلى تكثيف البرامج للمعلمين وصقل خبراتهم وعملت على المراجعة المستمرة للمناهج الدراسية، بما يتفق مع متطلبات العصر الحديث والتقنيات المطورة، وهذا ما سعت إليه رؤية المملكه 2030 وظهرت نتائجه مبكرا بحصد الطلاب والطالبات للجوائز العالمية في المحافل الدولية.
مبادرات موهبة
قال الدكتور محمد أحمد القرشي التربوي بإدارة تعليم مكة المكرمة: “مشاركة الطلاب في المسابقات الدولية وتحقيق نتائج وإنجازات جيدة وغير مسبوقة ومنافسة الدول المتقدمة، نتاج طبيعي وثمرة اهتمام الدولة بالتنمية المستدامة وتطوير منظومة التعليم وتعزيز المعرفة وتنمية المهارات وفق الرؤية المباركة 2030 التي أولت أبنائنا الطلاب ومنسوبي التعليم عناية فائقة، وتسعى لتحقيق التنافسية العالمية في التعليم وكذلك توفير بيئة تعليمية محفزة على الإبداع، تبنتها وزارة التعليم حيث قامت بتطوير المناهج التعليمية لتواكب متطلبات هذا العصر. بالإضافة إلى تطوير قدرات المعلمين والمعلمات والمراهنة عليهم لتقديم أعلى مستوى من التعليم والتدريب للطلاب، فضلا عن مبادرات مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع التي صممت العديد من البرامج والمسابقات وأقامت المعسكرات لتهيئة الطلاب والطالبات للمشاركة في هذه المسابقات الدولية ومنافسة الدول الأخرى، وراهنت على مخرجات التعليم. وهاهم أبنائنا من الطلاب والطالبات يرفعون اسم المملكة عالياً ويثبتون للعالم أن الماكينة السعودية قادمة وفق ركائز أساسية تتمثل في مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح”.
أمين عام موهبة لـ«البلاد »: التدريب والتحفيز ساهما في التميز
أكد نائب الأمين العام لخدمات الموهوبين بمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله (موهبة) الدكتور باسل السدحان، أن موهبة تعمل على تحفيز الطلاب لحصد المزيد من المعطيات العلمية والتوسع فيه بالشراكة مع وزارة التعليم، حيث حقق ذلك النجاح الباهر في الكثير من الأولمبيادات العالمية في السنوات الأخيرة، واستطاع الطلاب السعوديون تحقيق نتائج غير مسبوقة على مستوى العالم.
وقال السدحان لـ”البلاد”: “التكامل الرائع مع كل الشركاء من شركات وجامعات بالإضافة إلى التدريب المكثف والتأهيل للمنافسة كان لها بالغ الأثر في تحقيق هذا النجاح والذي قفز من خلاله الطلاب والطالبات إلى مقدمة الدول متجاوزين دولا صناعية كبرى”، مؤكدا أن الأولمبيادات تعد محفزا كبيرا للتنافس بين الدول ترفع مستوى التدريب المحلي. وأضاف: “طلبة وزارة التعليم وبالشراكة مع موهبة لديهم مسابقة موهوب السنوية، وإحدى مساراتها هي تقنية المعلومات وفيها إنجازات رائعة وتدريب يهدف إلى صناعة جيل معلوماتي مميز على مستوى العالم”، مشيرا إلى أن النتيجة الطبيعية لهذا التدريب والتأهيل الذي يحظى به الطلاب هو الوصول للأولمبيادات الدولية وتحقيق الجوائز الدولية ورفع هذا الرصيد بحصد المزيد منها على مستوى العالم، مبينا أن المملكة حصدت أكثر من ٥٠٠ جائزة دولية خلال السنوات العشر الماضية.