اجتماعية مقالات الكتاب

الفن .. والدبلوماسية الإنسانيةالفن .. والدبلوماسية الإنسانية

تعد الفنون على تنوعها وسيلة التعبير عن الجوهر الإنساني، وعبرها تتبلور رسالة سامية تتجاوز حسية المادة لإعلاء قيم الحب والخير والجمال، وذلك عبر استنطاق الذات للتعبير المنفتح الذي يترجم المشاعر والأفكار، فتغدو انتصارًا للإنسانية الحرة أمام خطاب مُناقض مقيت، ويروج للكراهية، ويعادي الآخر المختلف، وعلى مدار تاريخ الإنسانية، نهض الفن بجميع صوره ليكون بمثابة مظلة حقيقية للتسامح، وحائط صد متينًا يحمي المجتمعات المتعايشة من مخاطر الكراهية والتمييز، ودعاوى تهميش الآخرين.

ويمكن القول إن الفنان دبلوماسي إنساني من نوع آخر، إنه يستطيع أن يوظف موهبته الفنية ليرسم رسالة بليغة، ويجب التأكيد عليها في هذه الآونة خصوصًا؛ وذلك نظرًا لوجود التوترات والخلافات والنزاعات بين الأمم والشعوب؛ وهذا يوجب علينا مد جسور الأخوة والصداقة والتسامح عبر الفن، وهو وحده يستطيع اختراق جغرافية المكان؛ ولا يعترف بحواجز، ولا يفرق بين الأجناس، فهو الصورة الحضارية لأي مجتمع.

والفن لغة سامية، تحمل في طياتها الكثير من القيم الإنسانية والأهداف النبيلة، تسهم في ربط وتلاقح الثقافات بين مختلف الشعوب، وتنشر قيم الحب والتسامح وتقبل الآخر، فعندما يرسم الفنان مثلًا باقة ورود بألوان مختلفة فإنه بذلك يشجع على التنوع والتسامح والانفتاح مع الآخر؛ وهذا النوع من الفنون يعد واجهة حضارية لأي مجتمع ولغة مشتركة لكافة الشعوب وثقافاتها، ولا يحتاج إلى ترجمة.

وللفنان دور كبير في تنمية المجتمع؛ فباستطاعته أن يطوِّع ريشته وأفكاره الفنية لرسم صور ولوحات مجسِّدة لقيم التسامح والتعايش بين كافة طوائف المجتمع المتعددة، وذلك بإبراز مكانة الوطن ودوره في احتواء هذه الفئات والطوائف منذ مئات السنين، وأن الوطن للجميع يتقاسمون حبه؛ ويعملون على المحافظة عليه، كما أنه رافد من روافد تنمية المجتمعات، وذلك بإبراز الإيجابيات في كل مجال من خلال تجسيدها فنيًّا، وإظهار السلبيات وإبراز خطورتها على سلامة المجتمع بطريقة تحض على مواجهتها، مع إبراز آثارها السلبية ليبتعد عنها المجتمع وأفراده.

ولا ننسى أن ننوه في هذا الصدد على أن كثيرًا من سفراء الأمم المتحدة للنوايا الحسنة يتم اختيارهم من الفنانين، حيث تلجأ الأمم المتحدة إلى التعاون مع أشخاص كثير منهم ينتمي إلى الشخصيات الفنية العامة للقيام ببعض الأعمال الإنسانية، وهو تكليف تشريفي لمشاهير وفناني العالم من قبل المنظمات المختلفة للأمم المتحدة، وأهداف هذا التكليف هو المساعدة في دعم مختلف القضايا التي تعالجها الأمم المتحدة سواء كانت اجتماعية أو إنسانية أو اقتصادية أو غيرها.

 

* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *