اجتماعية مقالات الكتاب

صديقي والحزن

شدتني – وأنا أتصفح موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” – تغريدة للصديق الكاتب ياسر الجنيد كتب فيها “إني حزين اليوم ، ليس لأني أعشق ذلك الشعور البائس الذي يتسلل لقلبي ويقتلع منه البهجة ، لكن هذا الحزن يهوى مجالستي فهو لا يتخلى عني وكأنني فرد من عائلته حتى أنني اشفق عليه بعض الأحيان فهو وحيد مثلي يعيش متأملا قوافل الأيام تمر به وهو ينتظر مثلي فكلانا ارهقنا الانتظار”.

الحزن يا صديقي ياسر جزء من مكونات البشر ، ولابد أن يأخذ نصيبه منا ، فالأحوال تتقلب ومعها الأمزجة والله يقول (وأنه هُوَ أضحك وأبكى) قال المفسر اين عاشور : الضحك : أثر سرور النفس ، والبكاء : أثر الحزن ، وكل من الضحك والبكاء من خواص الإِنسان وكلاهما خلق عجيب دال على انفعال عظيم في النفس ، ولا يخلو الإِنسان من حالي حزن وسرور لأنه إذا لم يكن حزيناً مغموماً كان مسروراً لأن الله خلق السرور والانشراح ملازماً للإِنسان بسبب سلامة مزاجه وإدراكه إذا كان سالماً كان نشيط الأعصاب وذلك النشاط تنشأ عنه المسرة في الجملة وإن كانت متفاوتة في الضعف والقوة ، فذكر الضحك والبكاء يفيد الإحاطة بأحوال الإِنسان بإيجاز ويرمز إلى أسباب الفرح والحزن ويذكر بالصانع الحكيم ، ويبشر إلى أن الله هو المتصرف في الإنسان لأنه خلق أسباب فرحه ونكده وألهمه إلى اجتلاب ذلك بما في مقدوره وجعل حداً عظيماً من ذلك خارجاً عن مقدور الإِنسان وذلك لا يمتري فيه أحد إذا تأمل وفيه ما يرشد إلى الإِقبال على طاعة الله والتضرع إليه ليقدّر للناس أسباب الفرح ، ويدفع عنهم أسباب الحزن .

اعتقد يا صديقي أن ما يجب معرفته أن الحزن شعور طبيعي والتعبير عنه مهم والشعور المؤقت به دون مقاومة للأبد، فتقبل الإنسان لحزنه أفضل من ادعائه السعادة وهو لا يشعر بها.

لو تأملنا الفرق بين ” أنا حزين ” و ” أشعر بالحزن ” لوجدنا الأولى تقييد للذات، بينما الاخيرة تعني قدرة التعرف على الشعور والاقرار به دون أن نكون تحت سيطرته، مما يجعلنا نحاول معرفة أسبابه المختلفة فربما اضطراب في النوم أو شعور بالجوع أو الم جسدي أو التواجد في بيئة سيئة أو نقص فيتامينات أو حدث محزن عابر ، ولنا في الأنبياء والرسل عبرة “إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون” عبروا عن مشاعرهم وبعد ذلك الرضا والتسليم .

فاصلة:
لا تسمح للحزن بالتمادي في مجالستك فيكشر يوما عن أنيابه ويأكلك بعد تمزيق جسدك، ‏لا أحد يستطيع أن يتحمل مشاعر مؤلمة لفترة طويلة، التقبل والتغيير يشفي كل أنواع الألم، ولابد لهذا الشعور أن يسمح للمشاعر الأخرى أن تعيش بداخلك.

Faheid2007@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *