الإقتصاد

دور منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” في تشكيل ملامح قطاع خدمات الدفع في السعودية

لاتزال الخدمات المالية في الشرق الأوسط وخاصة في المملكة العربية السعودية تتطور باستمرار، ومن أجل تلبية متطلبات العملاء دائمة التغير، من المهم للغاية أن يواصل هذا القطاع رحلة تحوله الرقمي وتبني الابتكارات الحديثة.

ويتمثل التحول الأكبر من نوعه الذي يُشكّل ملامح مستقبل الخدمات المالية في ظهور منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” والتي تتيح فرص أعمال في السوق بقيمة تبلغ 7 تريليونات دولار أمريكي. ووفقاً للاستطلاع الذي أجريناه مؤخراً بعنوان: “الخدمات المصرفية كخدمة: تصورات عام 2022 | تمهيد الطريق لتبني الخدمات المالية المضمّنة”، يتبنى ما يقرب من 85٪ من كبار المسؤولين التنفيذيين مسبقاً أو يخططون لاستخدام “الخدمات المصرفية كخدمة” على مدى 12-18 شهراً القادمة.

ومن خلال تبني منصة “الخدمات المصرفية كخدمة”، يستطيع موردو الخدمات المالية المنظمة الاستفادة من زيادة تدفق الإيرادات، وبالتالي القدرة على خدمة شريحة أكبر من السوق. وبإمكان الموزعين من مختلف العلامات التجارية، مثل تجار البيع بالتجزئة عبر الإنترنت أو أنظمة تخطيط موارد المؤسسات، الاستفادة من ميزة الوصول إلى بيانات أكثر شمولاً وتأسيس علاقات أقوى مع عملائهم. أما بالنسبة للعملاء، فيمكنهم الوصول إلى الخدمات المالية واستهلاكها كيفما يرغبون وحيثما يتواجدون.

وبالرغم من ذلك، مع أن تبني منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” آخذ في الارتفاع وفي تزايد مستمر، إلا أنها، في الواقع، ليست مفهوماً جديداً. يستفيد قطاع خدمات الدفع، على وجه الخصوص، من منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” لسنوات عديدة. على سبيل المثال، حقق المفهوم الشهير “اشتر الآن، وادفع لاحقاً” انتشاراً واسعاً وسريعاً في جميع أنحاء العالم، حيث يقبل حوالي 42٪ من العملاء على هذه الخدمة. وبالإضافة لذلك، هناك إقبال هائل على بطاقات الدفع والمحافظ الرقمية منذ سنوات عديدة. وفي ظل هذا السوق المشبع بكل ما هو جديد، ما الذي يمكن أن نتوقعه لمستقبل عمليات الدفع المدعومة من منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” في المملكة العربية السعودية؟

الاتجاهات المستجدة نحو تبني حالات استخدام جديدة

تُبدي المملكة العربية السعودية التزاماً بدفع عجلة الابتكار في الخدمات المالية مع التركيز بشكل كبير على عمليات الدفع. على سبيل المثال، أطلق كل من البنك المركزي السعودي ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي مؤخراً مشروعاً مشتركاً أطلق عليه اسم “مشروع عابر”، وهو مشروع تجريبي لاستكشاف ما إذا كان بمقدور تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT) أو تقنية “بلوك تشين” قادرة على تمكين عمليات الدفع العابرة للحدود، وقد تم تصميم هذا المشروع لإعادة تصور عمليات الدفع المحلية والعابرة للحدود باستخدام الدروس المستفادة من أجل الاستفادة من النظام الإيكولوجي على أوسع نطاق.

ويشكل هذا الدعم لتحقيق مزيد من التطورات في عمليات الدفع الرقمية واكتشاف طرق جديدة لمعالجة حالات الاستخدام الرئيسية، مؤشراً جيداً لما يمكن أن نتوقعه من نمو الإقبال على منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” في المنطقة، ومع أن بعض حالات الاستخدام قد أصبحت أكثر وضوحاً، إلا أن بعضها الآخر لا يزال في طور النمو. ومن ضمن المجالات التي من المتوقع أن تنمو بشكل كبير خلال السنوات القادمة هي عمليات الدفع من جهاز إلى جهاز وعمليات الوساطة على الأصول الرقمية. على سبيل المثال، في قطاع الشحن يمكن لشركة شحن كبيرة أن تستخدم شريحة إلكترونية في أجزاء مختلفة من سلسلة القيمة الخاصة بها لتسهيل التمويل القائم على الاستخدام وعمليات الدفع المعتمدة على التتبع، وهذا سيؤدي إلى أتمتة عمليات التمويل والدفع دون تدخل بشري. على سبيل المثال، تمثل مواقف السيارات الذكية حالة استخدام أخرى ممتازة للدفع من جهاز إلى جهاز. تصور أنك تقوم بإدخال سيارتك وإخراجها من مواقف مدفوعة من دون الحاجة إلى استلام أو دفع ثمن تذكرة مواقف السيارات (أي بدون تلامس). وبإمكان الشركات المزودة لمنصة “الخدمات المصرفية كخدمة” مثل “فيناسترا” ربط أنظمة خاصة بمواقف السيارات للتعرف على أرقام سيارات العملاء وفوترتها تلقائياً.

تطبيق منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” على نطاق واسع

إلى جانب حالات استخدام طرق الدفع الجديدة، تشهد طريقة تحقيق إيرادات نقدية من منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” تطوراً متسارعاً، حتى بالنسبة للتطبيقات الأكثر تطوراً، فإن تضمين حلول “الخدمات المصرفية كخدمة” القائمة على أساس “نقطة إلى نقطة” يُعد نهجاً غير فعال، إضافة إلى أن تأسيس شراكات فردية يستغرق وقتاً.

إن إيجاد الشريك المناسب الذي يقدم هذه الخدمات، مثل شركات التقنية المالية وكبرى شركات التكنولوجيا التي تساعد على تضمين الخدمات المالية في التطبيقات والمنصات، من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في حل المشكلتين السابقتين. ومن خلال إنشاء سوق تجمع معاً كلا العلامات التجارية والمؤسسات المالية، سيكون بمقدور موردي تلك المنصات مساعدة كل من موزعي العلامات التجارية ومزودي حلول الخدمات المالية لتوسيع نطاق خيارات التمويل المضمن، إضافة إلى مساعدة العملاء في الوصول إلى المنتج المناسب الذي يلائم احتياجاتهم بتكلفة منخفضة.

على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بتمويل نقاط البيع بإمكانك عقد شراكة مع مزود خدمة واحد ربما يكون لديه شروط محددة مثل تاريخ السداد وأسعار الفائدة وغير ذلك من الشروط. ومع ذلك، قد يكون لدى العميل احتياجات معقدة أو مختلفة لا يلبيها مزود الخدمة هذا. وبإمكانك أيضاً إبرام شراكة مع العديد من الموردين الذين يطرحون شروطاً مختلفة، غير أن هذا قد يتطلب منك تأسيس شراكات فردية وتبني تطبيق هذه الخدمات في وقت واحد.

ومن خلال تبني استخدام نموذج السوق، سيكون بمقدور العلامة التجارية أن تتيح للمستهلكين الوصول إلى مجموعة متنوعة من موردي الخدمة بحيث يتمكنوا من إيجاد مورد واحد أو أكثر يناسب احتياجاتهم الفردية. كما يمكن للعلامات التجارية أيضاً أن تستفيد من التسهيلات والسرعة وفعالية التكاليف من خلال الاتصال بالنظام الإيكولوجي مقارنةً بنظام الاتصال القائم على مبدأ “نقطة إلى نقطة”.

ومن الواضح أن منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” تُشكل اتجاهاً جديداً وجد لينمو ويزدهر في المملكة العربية السعودية وخارجها. وبالرغم من أن تبني هذه المنصة لايزال جديداً نوعاً ما في العديد من القطاعات، إلا أن عمليات الدفع تتجه بشكل متسارع نحو المرحلة التالية من “الخدمات المصرفية كخدمة” التي تكتسب زخماً أكبر من خلال حالات الاستخدام الجديدة المتزايدة، والتجارب المتنامية المصممة وفق احتياجات العملاء. وفي حال تم تطبيقها بشكل صحيح، فإن منصة “الخدمات المصرفية كخدمة، ستتيح فرصة هائلة لتحقيق إيرادات نقدية لموردي الخدمات المالية وستقدم تجربة عملاء مطورة للعلامات التجارية في المنطقة.

نور صبري، الشريك الرئيسي لعلاقات العملاء، منصة “الخدمات المصرفية كخدمة” في “فيناسترا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *