متابعات

تربويون ونفسيون يؤكدون لـ«البلاد» أهمية تنمية المهارات واكتشاف المواهب .. الطلاب.. طاقات مهدرة في الإجازات

مكة المكرمة – أحمد الأحمدي

تغلق أبواب المدارس لإجازة قصيرة أو طويلة، فيهرع الطلاب للترويح عن أنفسهم بمختلف الأنشطة المفيدة للتخلص من “ضغط الفصول”، غير أن بعضهم يلجأ لملء وقت فراغه بعادات ضارة كالسهر حتى الفجر، ومشاهدة التلفاز والجلوس على ألعاب الفيديو لساعات طويلة للغاية، وهو ما حذر منه مجلس شؤون الأسرة، معتبرا أن هناك سلوكيات خاطئة يرتكبها الأبناء خلال الإجازة، من بينها النوم لساعات طويلة خلال النهار، وعدم الانتظام في تناول الوجبات، واللعب لساعات طويلة خارج المنزل، موصيا بعدة خطوات لاستثمار أوقات الأبناء، منها، وضع جدول لممارسة الأنشطة والألعاب، والاستفادة من أوقات الفراغ في تنمية مهاراتهم، مع حثهم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المفيدة،

مشيرا إلى أن فترة الإجازة تُعد فرصة سانحة للوالدين لاكتشاف شخصيات الأبناء، وتنمية مهاراتهم وتقويم سلوكهم، بينما أكد تربويون وأطباء نفسيون لـ”البلاد”، إن الأبناء يحتاجون إلى برامج وفعاليات منظمة تتسم بالترفيه والتنشيط، لتسهم في الحفاظ على ماتم أكتسابه من التعليم ولاستثمار أوقات الفراغ فيما ينمي مهارتهم وقدراتهم، معتبرين أن السفر والاستجمام يلعبان دور حيوي ومهم لتجديد النشاط الذهني والجسدي.

وقال المستشار التربوي والتعليمي عبدالله بن دحيم الدهاس، إن الإجازة الصيفية تعد فرصة لالتقاط الانفاس والراحة بعد العام الدراسي، وهذا شيء طبيعي وإيجابي ولكن للأسف الشديد أن بعض عاداتنا الاجتماعية غيرت بوصلة الإجازة نظرًا لتغير الساعة البيولوجية فأصبح النهار موعدًا للنوم وساعات الليل للتنزه والمناسبات الاجتماعية مثل الزواجات وغيرها، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات يجدون معاناة كبيرة في التأقلم عند بداية الدراسة. وأضاف: “يجب أن يعي أولياء الأمور أهمية الإجازة وخاصة للأبناء والبنات في المراحل العمرية الابتدائية والمتوسطة في جعلها مصدرًا مهما في تزويدهم بالمعارف والمهارات الحياتية والأسرية المختلفة. ويأتي في مقدمتها تعلم اللغات العالمية الحية التي ستكون أكبر معين لهم في مراحل التعليم المتقدمة وتعلم مهارات الحاسب الآلي”، مشيرًا إلى أهمية تقسيم الإجازة بحيث تشمل أيامًا للراحة وأيامًا للترفيه وأخرى للتعلم مع التركيز على تنظيم أوقات النوم والأكل وممارسة الرياضة. ولفت إلى وجود مراكز تعليمية بالإمكان الاستفادة منها في شغل أوقات الفراغ خلال الإجازة الصيفية بما يعود عليهم بالنفع والفائدة.

استثمار الطاقات
ويرى مساعد مدير عام جمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة، التربوي الدكتور عبد الرحمن بن حمود الغامدي، أن لدى الطلاب والطالبات طاقة كبيرة تستثمر في التعليم والتعلم أثناء العام الدراسي، ومع الإجازات تحتاج هذه الفئة إلى برامج وفعاليات منظمة تتسم بالترفيه والتنشيط، لتسهم في الحفاظ على ماتم أكتسابه من التعليم ولإستثمار أوقات الفراغ فيما ينمي مهارتهم وقدراتهم. ولذا يتوجب على المؤسسات التربوية والاجتماعية إعداد وتنفيذ برامج صيفية مدروسة وعلى أولياء الأمور الحرص على التعاون مع الجهات المختصة والجمع بين الترفيه والتنمية البشرية.

وأكد مدير إحدى المدارس الابتدائية سابقا حجب بن ردن العصيمي، أن الفراغ للطلاب أمر غير مطلوب، لذلك لابد من شغل وقت فراغهم بأشياء مفيدة من قبل أولياء الأمور، مضيفا: “على الآباء ملء فراغ أبنائهم أثناء وبعد فترة الدراسة بأمور تعود عليهم بالنفع والفائدة في المستقبل، مثل إلحاقهم بحلقات تحفيظ القرآن الكريم وتجويده في المساجد والجوامع أو إلحاقهم بمراكز رياضية أو مرتكز لتعليم مهارات فنية، حسب هواياتهم وميولهم ليمارسوا الهوايات المحببة إلى نفوسهم وصقل ما لديهم من مهارات وتنميتها، وغير ذلك من الأنشطة التي تشغل فراغهم وتعود عليهم بالنفع والفائدة بدلا عن الجلوس في الشوارع لساعات طويلة دون فائدة.

طاقة إيجابية
اعتبر استشاري الطب النفسي في مستشفى حراء العام الدكتور رجب عبدالحكيم بريسالي، أن الشباب في المراحل الدراسية المختلفة صمام الأمان ومصدر لتطور الأمم والحضارات، ولكي يستثمر الطلاب إجازتهم الدراسية الحالية عليهم بقتل الفراغ بأشياء مفيدة. وتابع: “من أساليب قتل الفراغ التي تساهم بشكل ملموس في استثمار الطاقات الكامنة لدى شبابنا وكذلك فتياتنا هو انخراطهم بشكل فاعل في الأعمال التطوعية الإنسانية والكفيلة بالكشف عن مواهبهم، وتجعلهم أشخاصا أكثر عطاء وقدرة على تجاوز كافة العقبات والصعاب التي يواجهونها في حياتهم اليومية، فقد أثبتت الدراسات الاجتماعية بأن الانخراط في الأعمال التطوعية من شأنه تزويد الشخص بكميات هائلة من الطاقة الإيجابية والقضاء على المشاعر السلبية. ومن الأساليب الأخرى التي ينبغي على الطلاب الاستفادة منها لقتل الفراغ هو صقل مواهبهم، ويتأتى ذلك بالالتحاق بالدورات والأنشطة اللاصفية خلال فترة الإجازة وذلك لتطوير العلم والمعرفة وتكريس جانب الثقافة في مختلف المجالات، كما أن للسفر والاستجمام دور حيوي وهام في تجديد النشاط الذهني والجسدي، فيعود الشاب أو الطالب وقد شحذ بالهمة والنشاط والحيوية لاستقبال عامه الدراسي الجديد”.

ومضى بريسالي قائلا: “إن استغلال فترة الإجازة بمزاولة كل مايعود على الفرد بالنفع والفائدة لاشك بأن له أثر ايجابي في نهضة بلدنا الحبيب والغالي، حتى نصل إلى مصاف دول العالم المتقدم اقتصاديا وتكنولوجيا وعلميا ويحقق التنمية المستدامة لبلدنا في كافة المجالات.”

علم نافع
أشار الطبيب النفسي بندر الحربي، إلى أهمية استغلال الإجازة في “علم نافع” للطلاب، مضيفا: “لا شك أن الإجازة مملة لدى الطلاب ولا بد على أولياء أمورهم أن يحاولوا جاهدين استثمارها في علم نافع يعود على الطالب بالخير العميم ويشغل وقت فراعه، ولابد من وجود هواية محببة إلى نفوس الطلاب لقضي الأبناء أوقاتا ممتعة فيما يحبونه، مثل حلقات العلم الشرعي في المسجد الحرام، ودورات علوم الحاسب الآلي أو دورات الأندية الرياضية ومراكز الرياضة المختلفة أو كورس في اللغة الإنجليزية مع قليل من الترفيه في أنشطة أخرى، وممارسة هوايات محببة للنفس لتنمية مهارات الطلاب ومواهبهم وقدراتهم في أنشطة متعددة، وبالتالي تكون الأسرة قد حافظت على أبناءها من استغلال وقت الفراغ في أشياء غير مفيدة.

أفكار لأنشطة غير مكلفة فى الإجازة

كشف أخصائيون اجتماعيون عن أنشطة غير مكلفة يمكن للطلاب ممارستها في أوقات الإجازة، في مقدمتها اقتناء كتاب لتعليم الحرف اليدوية، ما يوجد أمام الطلاب مئات الأفكار لصنع العديد من الأشياء البسيطة وغير المكلفة، ويمكن أن توفير ثمن الكتاب والتعلم من الفيديوهات على “يوتيوب”، فضلا عن بدء مدونات على الإنترنت لتساعد الطلاب كثيرًا على تطوير طريقة تفكيرهم وتطوير مهاراتهم فى الكتابة، واكتشاف موهبة أدبية لديهم، مشيرين إلى إمكانية مشاهدة الأفلام الوثائقية “أونلاين” للتعرف على العالم والتاريخ والحيوانات ومئات الموضوعات الأخرى، إضافة لتعلم الرسم من خلال مقاطع فيديو أو بعض الكتب المتوفرة مجانًا على الإنترنت، وكذلك تعلم لغة جديدة من خلال أى موقع يقدم “كورسات” مجانية للغات، ويمكن أن تدخل فى تحدٍ مع بعض الأصدقاء حول إحراز تقدم فى تعلم اللغة. ونوهوا إلى إمكانية زرع نباتات منزلية فى الشرفة أو حتى على الشبابيك، واكتشاف موسيقى جديدة، أو عازف موسيقى جديد من خلال الإنترنت، وتعلم تعلم الطبخ بالنسبة للفتيات، فهو مهارة حياتية مفيدة جدًا ووسيلة ممتعة لقضاء الوقت، وكذلك التطوع فى أى نشاط اجتماعى، لتعزيز الشعور بالقيمة الذاتية كما سيفيد ذلك المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *