اجتماعية مقالات الكتاب

الإعلام الإلكتروني.. واقع لابد من استصحابه

إن الإعلام الرقمي يعد واحداً من أنماط وسائل الإعلام الحديثة التي رافقت الثورة التقنية في العصر الراهن؛ حيث أضحى موجوداً بقوة، لا سيما في ظل تحول الكثير من الصحف العالمية الورقية إلى صحف رقمية إلكترونية، بجانب أن كثيراً من قنوات التلفزة والمحطات الإذاعية العالمية قد آثرت الاعتماد عليه.

ويطلق على الإعلام الرقمي مسميات عدة؛ مثل الإعلام التفاعلي والتشاركي وإعلام الوسائط المتعددة والإعلام الشبكي الحي، وغيرها. وهو مصطلح فضفاض اختلف المختصون في تعريفه، بيد أنه يمكن القول بأنه هو أي شيء نصل إليه من خلال الأجهزة الرقمية؛ إذ يمثل حزمة تقنيات الاتصال الرقمي التي جاءت جراء الاندماج بين تقنيات الحاسب والأجهزة الذكية والفنيات التقنية للإعلام مثل الطباعة والتصوير والصوت والصورة والفيديو، ومن أهم صوره المواقع الإعلامية على الإنترنت والقنوات والصحف الإلكترونية والإعلانات التجارية والمدونات وغيرها.

وقد أضحى الإعلام الرقمي ذا سطوة على الإعلام كله، جراء الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي، بجانب ما توفره الهواتف الذكية من تطبيقات وخدمات لمستخدميها، علاوة على المواقع والمنصات التي يسرت الوقوف على الأخبار والمعلومات لحظة حدوثها. وهناك مؤسسات إعلامية كبرى تحولت من النسخ الورقية إلى نسخ رقمية تجنباً للخسائر ومسايرة للعصر، كالواشنطن بوست والجارديان ونيويورك تايمز ولوموند وغيرها، وتأتي شركات جوجل ونتفلكس وآبل وتويتر وأمازون على صدارة شركات الإعلام الرقمي العالمية.

ومن أهم سمات الإعلام الرقمي عنصر التفاعل مع مستقبلي المحتوى وعدم تقيده بزمن محدد، كما أنه يمتاز بالمرونة في وصوله للجمهور عبر وسائل عدة كأجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، بجانب عالمية رسالته وتخطيه لعوائق الزمان والمكان وتعدد الوسائط التي يستخدمها من صورة وصوت ونصوص ورسوم وغيره، كما يمتاز بقدرته على جذب اهتمام وتركيز متلقيه؛ كونهم هم من يحددون المواد التي يفضلونها، فضلاً عن خاصية تخزين المحتوى واسترجاعه مرة أخرى للوقوف عليه.

وهناك العديد من الصعوبات والسلبيات التي يحفل بها الإعلام الرقمي؛ منها على سبيل المثال لا الحصر، صعوبة التحقق من المعلومات المتدفقة عبره وبعض تأثيراته السلبية على القيم الخاصة بالمتلقي وإمكانية السطو على حقوق النشر والملكية الفكرية وظهور بعض الجرائم الإلكترونية عبر وسائطه وغيرها. ونظراً للدور المهم للإعلام الرقمي وتطوير وتنمية محتواه، فقد سارعت العديد من الدول بسن تشريعات لتنظيمه، حيث صدر في المملكة تنظيم مجلس المحتوى الرقمي بقرار مجلس الوزراء رقم (125) وتاريخ 21/2/1443هــــ .

وأخلص إلى أن الإعلام الرقمي أصبح واقعاً معاشاً في حياة الشعوب للتواصل ونقل المعلومات في وقت وجيز وبقنوات سالكة ولا بد من التعامل معه واستصحاب أدواره الإيجابية لخدمة حياة الناس، كما ينبغي إدخال تخصصاته في الجامعات وإنشاء معاهد تمنح دورات وشهادات في مجالاته.
باحثة وكاتبة سعودية

J_alnahari@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *