تلجأ العديد من المنظمات والشركات إلى الاستعانة بالقادة من خارجها، وذلك بهدف إيجاد الحلول المتكاملة لعمليات التحول والخصخصة، أو حل المشاكل الإدارية والتشغيلية والمالية التى تعاني منها تلك المنظمات، وغالبا ما يكون ذلك على حساب البديل الآخر وهو اختيار القادة من داخل المنظمة، ولكلا الأسلوبين اعتبارات وإيجابيات وسلبيات لا يمكن إدراكها إلا بعد خوض التجربة.
وتجدر الإشارة إلى أن قطاع الطيران في المملكة يعد أبرز نموذج في الاستعانة وتعيين القادة من خارج المنظمة على حساب اختيارهم من داخلها.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه، أي من الأسلوبين أكثر فاعلية ونجاحا في إنقاذ المنظمات والشركات أو تحقيق التحولات والأهداف الطموحة المرسومة من قبل صانع القرار.
الكثير من الدراسات تشير نتائجها إلى تفضيل اختيار القادة من داخل المنظمة؛ شريطة أن يتم اختيارها وإعدادها وتدريبها بعناية لأداء المهام الجديدة لقيادة المنظمة؛ حيث أثبتت الدراسات أن المدراء والقادة الذين أثبتوا نجاحهم في وظيفة أدنى محددة، ليس بالضرورة أن ينجحوا ويتألقوا في الوظيفة الأعلى إلا بعد التأكد من إعدادهم بعناية فائقة.
وكذلك الحال بالنسبة للقادة القادمين من خارج المنظمة ليس بالضرورة أن يحققوا التوقعات منهم بناء على تاريخهم الماضي في قيادة منظمات أخرى، وخصوصا إذا كان نجاحهم وتخصصهم بعيدا عن نشاطات المنظمة الجديدة القادمين إليها.
وأيضا تشير الدراسات إلى أن الاستعانة بقيادات خارجية يؤدي إلى الشعور بالظلم والإجحاف في حق من عملوا في نفس المنظمة لسنوات، ثم يتم تجاهلهم، فبالضرورة سيولد هذا الشعور سلبيته شديدة تجاه القيادة الجديدة؛ بل قد تصل الأمور إلى عدم التعاون معها أو إفشالها عنوة.
وأستدرك بالقول: إن هناك فرصا جوهرية لجلب قيادات من خارج المنظمة لتحقيق أهداف محددة؛ مثل عمليات التحول والخصخصة وتدريب وإعداد الكوادر الجديدة، أو القيام بإصلاحات تسويقية ومالية، أو نقل وتوطين تكنولوجيا جديدة، أو تطبيق مبادئ وأساليب إدارية حديثة.. الخ. هنا تكون الفائدة متعاظمة للقيادات من خارج المنظمة.
يذكر أن هذا الجدل أو النقاش سيطول على الدوام بين مفكري ومنظري الإدارة، ومجالس إدارة المنظمات؛ شريطة أن يكون النقاش بعيدا عن الصراعات الإدارية وتصفية الحسابات وإثبات الوجود، مع التأكيد على أهمية دراسة القرار في كلا الحالتين بموضوعية ونزاهة واحترافية عالية.
والرأي عندي، أن عملية الاختيار من خارج المنظمة يجب أن تأخذ في الحسبان الحد الأدنى من المعرفة والخبرة الفنية المطلوبة بنسبة 20% في نفس تخصص أعمال المنظمة، إلا أنني أميل بشدة إلي الرأي القائل بإعداد الكفاءات كي يصبحوا قادة في/ ومن داخل المنظمة نفسها. هذا التوجه يخلق ولاء مستديما للمنظمة، ويوفر عليها مبالغ طائلة من عمليات التسرب الوظيفي؛ نتيجة فقدان الموظفين للأمل في الترقي للوظائف القيادية العليا، مع التأكيد على أن معظم الدراسات تؤكد أن هذا الأسلوب هو الأنجع والأكثر ضمانا لفرص نجاح المنظمة.