من أهم المبادئ التي قام عليها عمل المنظمات الدولية في مجال الدبلوماسية الإنسانية؛ مبدأ الوحدة، وهو لا يسري إلا على الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والمقصود منه هو وجود جمعية وطنية واحدة في الدولة، على أن تقدم مساعداتها إلى كامل إقليم تلك الدولة.
ووجود جمعية وطنية واحدة في الدولة تقدم مساعداتها لكافة الأطراف لا يعني شيئًا سلبيًّا في عمومه، بل له عدد من المزايا لا توجد إذا تعددت الجمعيات واللجان العاملة في الدولة الواحدة، منها اتحاد الرؤى والتوجهات والتصورات تجاه المشكلات القابعة في الدولة الواحدة، ومن ثم اتفاق التوصيف لهذه المشكلات، وتقديم الحلول التي تتسم بالتوافق لا بالتضارب، لكونها صادرة من جهة واحدة لا من جهتين أو أكثر لكل منها رؤية وتصور وتوجه مختلف عن مثيلاتها ممن يعملون في مجال الدبلوماسية الإنسانية.
كما يفيد مبدأ الوحدة في توفير الوقت والجهد المبذول في العمل الإنساني المقدم للفئات الأشد حاجة، وذلك من خلال توفر قاعدة بيانات واحدة يتم التعامل من خلالها مع الأزمات داخل كل دولة أو إقليم أو منطقة منكوبة، وكذا وجود آلية واحدة ومعدة سلفًا طبقًا للوائح المنظمة لعمل اللجنة للتعامل مع تلك الأزمات انطلاقًا من هذه القاعدة المعلوماتية الموحدة، ووحدة المعلومات مع وحدة الإجراءات إضافة إلى وحدة فريق العمل داخل المنظمة الواحدة كل هذا يختصر وقتًا وجهدًا كبيرين يصب في صالح العمليات الإنسانية.
لكن لا يسلم مبدأ الوحدة الذي تعمل به المنظمات الدولية في مجال الدبلوماسية الإنسانية من بعض الملاحظات، أهمها أنه لا توجد منظمة دولية بمفردها يمكن أن تتعامل مع كل الأزمات الإنسانية التي تتعرض لها البشرية على وجه المعمورة وتحتويها، فإذا أضفنا إلى ذلك مبدأ العالمية الذي يتجسد في كون الرابطة الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر تضع على عاتقها التزامًا وتعهدًا لخدمة الإنسانية المتألمة عبر كل القارات، حيث إن عالمية العمل الإنساني تستجيب لعالمية المأساة، أقول: كل هذا يجعل مبدأ الوحدة محل نظر، وربما يجعل تعديل مفهومه أكثر إلحاحًا ليشمل الوحدة مع كل المنظمات العاملة في المجال الإنساني، لا على مستوى منظمة واحدة لا يمكن – مهما أوتيت من قوة – أن تقوم بأعباء هذا العمل الجبار، فاليد الواحدة في العمل الإنساني لا يمكن لها أن تصفق.
* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.