متابعات

الاستثمار الرقمي.. مستقبل الشباب

جدة – مها العواودة، رانيا الوجيه

تستثمر المملكة في شبابها، الذين يشكلون قرابة 70 % من نسبة السكان، وفقاً لتقديرات الهيئة العامة للإحصاء؛ لذلك يكون تأهيلهم على أعلى المستويات ليتمكنوا من أداء المهام الموكلة إليهم على أكمل وجه في مختلف الوظائف والقطاعات، بينما تشجع الحكومة جميع الشباب للابتكار وبناء محتوي رقمي للاستثمار، لحيوية هذا القطاع ومساهمته بشكل كبير في إيرادات الدولة، والاعتماد عليه إلى جانب قطاعات أخرى لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، المعتمدة على الشباب كوقود للانطلاق في فضاءات الاقتصاد العالمي، وجعل المملكة في مقدمة الدول الصناعية والاستثمارية الكبرى، للوصول إلى الهدف المنشود في أقرب فرصة ممكنة، في ظل توفر قاعدة بيانات ضخمة تساعد الشباب على بناء رقمي مميز لمستقبل استثمار مزدهر.

أكد الخبير التقني خالد أبو إبراهيم، أن العصر الحالي هو عصر ثورة البيانات التي تعتبر “نفط العصر”، فكلما كان الشخص يمتلك قاعدة بيانات لمستخدمين كلما كان أكثر قوة، مبينا أن الاستثمار الرقمي يعد تجسيدا لجهود المملكة المستمرة في دفع عجلة نمو الاقتصاد الرقمي؛ لتحقيق الفائدة والتقدم للعالم أجمع، ولتعزيز الازدهار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولفت إلى أن المملكة تعتبر أكبر سوق تقني ورقمي في المنطقة، ورائدة كذلك في استقطاب المواهب التقنية، بينما ارتفع معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة بمجال تقنية المعلومات والاتصالات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وأضاف: “السعودية موطن لأضخم استثمارات في تقنية السحابة، حيث تستثمر الشركات الرائدة والمزودة لخدمات السحابة ملايين الدولارات في تقنية السحابة بالمملكة، كما تشهد ريادة الأعمال ازدهارا واضحا، ما يؤكد أن شباب المملكة متجه لمثل هذه الاستثمارات التي تفيد الوطن”.


وتقول وجدان حمزة، إحدى صانعات المحتوى على شبكات الإنترنت: إن تشجيع الشباب لبناء محتوى رقمي للاستثمار من الأشياء المهمة للغاية، خصوصا مع تطور التكنولجيا وظهور(صناع المحتوى الرقمي)؛ إذ توفرت الفرص لدى الجميع للحصول على دخل مستقل من خلال صناعة محتوى متخصص في “السوشيال ميديا”، مضيفة: “نحن الآن نعيش في خضم ثورة رقمية، فعدد الموصولين بالإنترنت أكبر من أي وقت مضى، وهم يستعملون الأجهزة والخدمات الرقمية في العمل وفي جميع جوانب حياتهم.

وقد عزز ذلك إلى حد ما تطور النطاق العريض المتنقل، الذي يضمن كل يوم مشاركة المزيد من الناس من مختلف البلدان في الاقتصاد الرقمي، كما انتشرت التكنولوجيات الجديدة في الآونة الأخيرة؛ ومنها الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وسلسلة كتل البيانات، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والتعلم الآلي، والتطبيقات المتنقلة، والتكنولوجيا النانوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها. وسوف يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير عميق في حياتنا اليومية طوال العقد المقبل، مما يغير بشكل جذري كيفية استهلاكنا وإنتاجنا وعملنا. وكما هو الحال في كل التغييرات التحولية، فإنها تتيح لنا فرصة كبرى – ولكنها تنطوي أيضاً على تحديات هامة، كما أؤمن بأن الشباب لا يحتاج إلى تشجيع حتى يصنع محتوى رقميا متخصصا في مجالات متعددة كالقانون، والصحة، والرياضة، والتغذية، والتربية، والإدارة. لقد أصبح أغلب الشباب والشابات مؤمنين بفكرة التسويق لأنفسهم في مجالاتهم في السوشيال ميديا؛ حتى يحصلوا على فرص أكبر في الحياة.

وحول مدى خطورة البيانات الشخصية على الإنترنت، قالت وجدان: “التقنية تطورت بشكل كبير في الحفاظ على خصوصية المستخدم، وطرق حماية البيانات أصبحت متعددة وذات كفاءة عالية للحفاظ على سرية البيانات الشخصية”.

 

شريان الحياة
اعتبر أستاذ الجودة والاعتماد المهني في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور عصام الرحالي، أن “ثورة البيانات” بدأت فعليا بتغيير المجتمع، مؤكدا أن هذا المصطلح يراد به حركة البيانات المفتوحة، وجديد تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات العالمية لجمع البيانات، والتدفق الهائل لإتاحة البيانات الضخمة، خصوصا مع بروز الذكاء الصناعي”.

وأشار إلى أن البيانات الضخمة تستخدم لأغراض التنمية المستدامة؛ حيث يزداد حجم البيانات في العالم زيادة مطردة. وتابع: “بحسب بعض التقارير اُنتجت ما يربو على 90% من البيانات في العالم في السنتين الماضيتين، ويُتوقع أن تزيد بمقدار 40% سنويا، والجزء الأكبر من تلك البيانات هي ما يمكن أن يسمى (عوادم البيانات)، وهي البيانات التي تجمع من حصيلة التفاعلات اليومية من المنتجات والخدمات الرقمية، بما في ذلك الهواتف الخلوية وبطاقات الإئتمان ومنصات التواصل الاجتماعي”، مؤكدا أن هذا الطوفان من البيانات يعرف بـ”البيانات الضخمة”.

ولفت الرحالي إلى أنه “منذ ثمانينيات القرن الماضي، تتضاعف السعة العالمية لخزن البيانات وبتكامل هذه البيانات الجديدة مع البيانات التقليدية، يصبح من الممكن إنتاج معلومات آنية أعلى جودة وأكثر تفصيلا وأوثق صلة”، منوها إلى أن البيانات هي شريان الحياة لعملية اتخاذ القرارات، كما أنها المادة الخام لكثير من العمليات الرقمية والاجتماعية التنموية.
واستطرد قائلا: “يمكن للمصادر الجديدة للبيانات والتكنولوجيات الجديدة والنهج التحليلة الجديدة -إذا طبقت جميعها تطبيقا مسؤولا- أن تجعل من عملية اتخاذ القرارات القائمة على البراهين مسألة أكثر كفاءة ومرونة، فضلا عن إمكانية تحسين قياس التقدم المحرز في ما يتصل بأهداف التنمية المستدامة.

سياسات إنمائية وطنية
قال الدكتور عصام الرحالي: إنه يمكن للبيانات الضخمة أن تسلط الضوء على أوجه التفاوت في المجتمع مما لم يكن مشاهدا في السابق، موضحا أنه لابد من تعزيز البيانات الحاسمة ووضع سياسات إنمائية وطنية وإقليمية وعالمية لها تأثير عميق جدا في البيانات الضخمة للتنمية والعمل الإنساني، وسلامة الأوطان من المخاطر المتعددة نتيجة التحول الرقمي والهجمات السيبرانية. لابد من حماية العناصر الأساسية لحقوق الإنسان لتحقيق ما تتيحه البيانات الضخمة من فرص. وتابع: “الخصوصية والأخلاقيات واحترام سيادة البيانات تتطلب جميعها منا تقييم حقوق الأفراد والمجتمع والأجيال مع النظر في الفوائد العائدة على الوطن؛ لأن البيانات الضخمة هي نتاج أنماط فريدة من سلوك الأفراد، فإن حذف المعلومات الشخصية الصريحة ربما لا يحمي الخصوصة حماية كاملة، وبالتالي فإن الجمع بين عدة مجموعات بيانية يمكن له أن يؤدي إلى تحديد هوية الأفراد أو الجماعات، مما يعرضهم إلى أخطار محتملة، ومن هنا، يجب وضع تدابير الحماية السليمة للبيانات بما يمنع إساءة استخدام البيانات أو سوء استخدامها”.

وكشف الرحالي عن وجود فجوات بين من يملكون البيانات ومن لا يملكونها، وبدون اتخاذ إجراء مناسب، فربما فُتحت جبهة جديدة من التفاوت تقسم العالم إلى نصفين؛ بين من يعرفون ومن لا يعرفون، فكثير من الناس مُستثنون مما يجري في العالم الجديد للبيانات والمعلومات؛ بسبب الحواجز اللغوية أو الفقر أو الجهل أو غياب الهياكل التكنولوجية الأساسية أو البُعد الجغرافي أو التمييز، حيث هناك طائفة واسعة من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها، بما في ذلك بناء قدرات جميع البلدان، وعلى وجه الخصوص البلدان الأقل نموا، والبلدان النامية غير الساحلية، والدول النامية الجزيرة الصغيرة.

حماية البيانات الشخصية

ترى المهندسة رولا القحطاني، أن الاستثمار التقني مهم للغاية، مع التطور التكنولوجي الهائل، مبينة أن مشاركة البيانات الشخصية يؤدي إلى تحقيق فوائد، وغالبًا ما يكون من الضروري مشاركتها للتفاعل مع الأشخاص الآخرين في المجتمع الاستثماري، وعلى الرغم من أهمية مشاركتها إلا أن الأمر لا يخلو من مخاطر؛ باعتبار أن البيانات الشخصية يمكن أن تكشف الكثير عن صاحبها وعن أفكاره وحياته، ويصبح من السهل استغلالها بسهولة في إيذاء الشخص، وبالتالي يكون الخطر على الأفراد والمجتمعات المستهدفين، لذلك من الضروري أن تكون هذه البيانات محمية بشكل صارم. وأوضحت القحطاني، أن البيانات الشخصية هي أي معلومات تتعلق بشخص، سواء كانت متعلقة بالحياة الخاصة أو المهنية أو العامة في بيئة الإنترنت، حيث يتم تبادل ونقل كميات هائلة من البيانات الشخصية في جميع أنحاء العالم، ويصبح من الصعب على الناس السيطرة على معلوماتهم، لذلك أصبح من الضروري الحرص على حماية بياناتنا الشخصية عبر مجموعة من الممارسات والضمانات والقواعد الملزمة؛ بقصد ضمان التحكم في هذه البيانات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *