أزعم أن المطارات كائنات حية تضج بالحركة والحياة الذكية ؛ لذلك أدركت الدول أهمية تطوير مطاراتها كل ثلاثة عقود تقريبا أو تغييرها، وبناء الجديد والحديث منها كما هو مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، وغيرها من مطارات المملكة.
المطار هو المرآة العاكسة لرؤية وإبداع القادة والمجتمع لذلك يجب أن يترك أثرا وتجربة مثيرة ومدهشة بالنسبة لمرتاديه والمسافرين عبره، ولا توجد هناك معادلات رياضية أو نظريات لبناء المطارات؛ بل الرؤية والإبداع هما البعدان الأساسيان في البناء.
ويجب أن ندرك أن مباني المطارات لا تقدم حلولا متكاملة، ولكن التكنولوجيا والأجهزة والمعدات المتطورة، هي الأدوات والوسائط لنجاح المطارات، وأولا وأخيرا البشر ذوو الخبرة والمؤهلون لإدارة خدمات وعمليات التشغيل، ومطار الملك عبدالعزيز ليس استثناء في ذلك.
فهو ينقصه بعض من تلك الأدوات إلى جانب التخطيط وتفعيل النظم التي تذخر بها بنيته التحتية.
وخلال تجربتي الأخيرة في السفر عبر مطار الملك عبدالعزيز، وجدت أنه لوحة فنية رائعة تحتاج إلى بعض الرتوش التكنولوجية، والخبرات البشرية والقرارات التي تتفاعل مع الأحداث آنيا، ومن هذه الرتوش.
** تغذية عقل المطار بالذكاء التفاعلي المتطور، وأعني بذلك أن يعتمد على التواصل التكنولوجي المتعدد؛ مثل شبكات تحديد المواقع، وإنترنت الأشياء التي تدير تواصل الأجهزة والمعدات مع بعضها البعض، وتوجيه حركة المسافرين واتجاهاتهم داخل ردهات وصالات المطار، وأجهزة الاستشعار التي تتفاعل مع البشر والتعرف على حركاتهم وسكناتهم ولغة أجسادهم، إلى جانب التطبيقات الرقمية المحمولة، التي تنهي الكثير من الإجراءات قبل وصول الركاب إلى المطار. وتوظيف الأجهزة التي تعزز وتتفاعل مع أنشطة الموظفين التشغيلية وتنقلاتهم؛ بحيث يتم كل ذلك من خلال أجهزة وبرامج ذكية وتطبيقية سريعة وقادرة على التواصل الفعال بالصوت والصورة والكتابة وبأقل الأوامر التقنية غير المعقدة عبر الإشارات وتنويه الرغبات.
** تصميم رؤية متميزة ومنافسة لخدمة العميل أو المسافر ومن ثم وضع خارطة تفصيلية لتجربة العميل، وكيفية العمل على إنجاحها وتطويرها، بعد حساب الزمن والمسافة التي يجب على المسافر أن يقطعها وعدد الإجراءات التي يتخذها؛ حيث الزمن والمسافة والإجراءات. هي الأبعاد الحاسمة في تجربة المسافر ومدى رضاه.
** أن يتحلى المطار بالمرونة والسلاسة في تلبية احتياجات المسافرين ذاتيا؛ مثل السيارات الكهربائية وعربات العفش وأجهزة إرشاد المسافرين لمناطق المطار الإلكترونية وغيرها.
** تقديم أفضل البدائل والحلول الآلية والذاتية لإنهاء إجراءات السفر من الفنادق والمولات والمستشفيات والمنازل. الى جانب إنهاء إجراءات الجوازات والأمن آليا في المطار.
** الاعتماد على الروبوتات السيارة في التواصل مع الركاب والإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم، وغيرها الكثير.
وأخيرا.. لا يساورني شك في أن كلا من هيئة المطار والشركة المختصة التي تم التعاقد معها سيرتقيان بخدمات وإمكانات المطار ويجعلانه أيقونة راقية وذكية بين مطارات العالم.